منع زواج القاصر أقل من 17 سنة وتقييد التعدد وتوسيع الهبة.. وهبي يقدم أهم تعديلات مدونة الأسرة    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    السكوري: القانون التنظيمي يراهن على منع المشغلين من "شراء الإضراب"    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    أ. الدشيرة يفوت على ا. يعقوب المنصور فرصة الارتقاء للصدارة    أبرز مقترحات تعديل مدونة الأسرة بالمغرب .. الميراث وتعدد الزوجات والطلاق    تنزيلا للتعليمات الملكية.. هيئة مراجعة مدونة الأسرة تكشف عن التعديلات المعتمدة وهذه أهمها    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    تفاصيل التعديلات ال16 في مدونة الأسرة.. تضمنت تقييد الاعتراف بزواج الفاتحة    النصيري يرفض الانتقال إلى النصر السعودي على سبيل الاعارة    مبعوث الأمم المتحدة: الصراع الجديد في شمال شرق سوريا ينذر بعواقب وخيمة    تركيا: مقتل 12 شخصا على الأقل في انفجار في مصنع ذخيرة    مدونة الأسرة.. علماء المغرب وافقوا على 7 تعديلات منها "اقتسام الأموال المكتسبة" و"الحضانة للمطلقة"    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب                        الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    الصين تكشف عن مخطط جديد لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة    مختص في النظم الصحية يوضح أسباب انتشار مرض الحصبة بالمغرب    دعوات برلمانية إلى تحديد السن القانوني الرقمي ب16 عاما    وعكة تدخل بيل كلينتون إلى المستشفى    التامك يحث على مواجهة الإكراهات    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    الفتح يقسو على "الكوديم" بخماسية    موظف بالمحكمة الابتدائية بطنجة خلف القضبان بتهمة النصب وانتحال صفة    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    موانئ الواجهة المتوسطية: انخفاض بنسبة 17 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري عند متم نونبر الماضي    "نيويورك تايمز": كيف أصبحت كرة القدم المغربية أداة دبلوماسية وتنموية؟    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    أخبار الساحة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد البكاري يكتب: جرح العروي
نشر في اليوم 24 يوم 17 - 01 - 2020

في سنتي الجامعية الأولى، سافرت من تطوان نحو الرباط لحضور ندوة العروي، كان الأمر عاديا في تلك السنوات أن تشد الرّحال من مدن مختلفة صوب العاصمة حين يأزف موعد إطلالة العروي، كانت أول مرة سأرى «الأستاذ» رأي العين، قبلها كنا ونحن تلاميذ منقسمين بين الجابريين والعرويين، ولا أخال أننا كنا متمكنين من مشاريعهما، هي فقط، رغبة التميز ودهشة الأسماء الكبيرة وجرأة اقتحام عقبات «الإيديولوجيا».
أعترف أني كنت «نزِقا» وأنا أرفع يدي مطالبا بمداخلة بعد انتهاء العروي من محاضرته، نزق هو تركيب بين اندفاع «أوطمي» كان يرى في الحركة الطلابية حاملة للثقافة المضادة لنسق الدولة الإيديولوجي، وبين ضيق فتى «شمالي»، مما كان يعتبره «إكليروس» الرباط.
فكانت النتيجة إصابتي بمتلازمة «العروي»، لم يرد «الأستاذ» على مداخلتي، بل تجاهلها، والحق أقول: لم تكن المداخلة منذورة سوى للتجاهل، ذلك أنني كنت أود الحديث فقط، ذلك أنني لم أفهم ما كان العروي يتحدث عنه، فهاجمت غموض المثقفين وصمتهم، وكأنني في حلقية صاخبة، وليس في محراب للإنصات وخلخلة اليقينيات واختبار المسبقات.
من يومها ترسخت عندي صورة العروي مثقفا متطاوسا متعجرفا، وكان ذلك تمثل كثيرين ممن عجزت إمكاناتهم الفكرية عن اقتحام منجز العروي، وكان رد فعلي أمام جرح «الكبرياء» هذا، أن أحجمت عن قراءة العروي، وقلت: «من يكون العروي هذا في «ملك الله»..
حتى كانت السنة التي قضيتها في المدرسة العليا للأساتذة، حيث جمعتني لقاءات مع أستاذي والمشرف على بحث تخرجي عبدالرحيم جيران، الذي كان أميل للعروي، وكنت أنتصر للجابري، ولكن جرح «العروي»، الذي لم يندمل آنذاك بعد، جعلني أتحايل حتى لا يتضمن بحثي أي إحالة على الرجل، رغم نصائح أستاذي، بل إنني تعمدت أن لا يتضمن ذلك البحث أي مرجع عربي. أتذكر أني اعتمدت على بينفينيست وريكور وفوكو، وبعض إحالات على بورديو الذي كنا منبهرين بمفهوميه: إعادة الإنتاج والهابيتوس..
كان صوتٌ ساذج يصرخ في داخلي: ومن يكون العروي أمام هؤلاء الكبار؟!!
حين تخرجت من المدرسة العليا للأساتذة، كان لزاما عليّ أن أقرأ للعروي روايته / سيرته الذهنية: أوراق،.. فقد كان محتملا أن أُدرّسها للتلاميذ إذا أسندت إليّ أقسام البكالوريا، وذلك ما حصل لحسن الحظ.
شرعت في قراءة «أوراق»، وأنا أخوض تمرين الانفصال عن جرح العروي، وبناء حد أدنى من الموضوعية، لكن حصل ما يشبه الانقلاب..
أحببت إدريس بطل الرواية، فأحببت العروي..
ومن «أوراق» عدت للوراء لأقرأ «الغربة» و»اليتيم» عمليه السرديين السابقين.. فأحببت إدريس ثانية، واعتذرت للعروي في سري..
وهكذا بدأت رحلتي المتأخرة مع العروي.. انفصلت عنه باكرا، لألتقيه متأخرا..
كانت روايات العروي مدخلي لإعادة قراءة «الإيديولوجيا العربية المعاصرة»، ثم قراءة سلسلة «المفاهيم»…
كنت أقرأ بنهم وخشوع وانتباه..
مازوخيًا كنتُ مع جرحي، وصوفيًا كنتُ مع شيخي..
الغريب أني خضت تمارين قراءة رواد ما بعد الحداثة، (فوكو، أساسا)، قبل روايات العروي، ورواياته قبل مشروعه الفكري..
هل قصرت المسافة أم أطلتها؟ لا أدري..
ما أتذكره أن عدوى «إدريس» أصابت تلاميذتي حين كنت أستاذا للتعليم الثانوي، فكانت حصة «تحليل المؤلفات» الأمتع، لكن فقط، خلال الفصل المخصص ل»أوراق».
كان تلاميذتي يتماهون مع إدريس بشكل غريب..
أتذكر أنه في سنة، وحين انتقلنا إلى دراسة مؤلف «الريح الشتوية» لمبارك ربيع.. توجه نحوي تلميذ قائلا: أستاذ، لقد افتقدنا إدريس..
بعد سنوات، حضرت محاضرة ثانية للعروي بالرباط.. لا أدري لماذا بدا لي أليفا ورائقا؟
لقد اندمل الجرح.. ولكن،..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.