بتعيين الملك شكيب بنموسى رئيسا للجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد، يكون مسار معلن جديد قد تم تفعيله. ففي أكتوبر من العام 2017، أعلن الملك أمام مجلسي البرلمان قراره إحداث هذه اللجنة. العشرات من المذكرات تم تحضيرها منذ ذلك التاريخ، وتوجيهها إلى الديوان الملكي، آخرها تلك التي صدرت عن أحزاب التقدم والاشتراكية والتجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال، بينما صدرت مذكرات أخرى عن جمعيات مختلفة. وتطلّب الأمر مرور سنتين كاملتين لينطلق تفعيل المسلسل المعلن، ويتم تعيين شكيب بنموسى رئيسا لهذه اللجنة يوم الثلاثاء 19 نونبر 2019. هنا تطرح الكثير من الأسئلة. أولها يهم صفة الشخص المعني بالتعيين، والذي يعتبر حاليا سفير المغرب لدى فرنسا. هل سيجمع بين هذا المنصب وبين رئاسته للجنة الخاصة بالنموذج التنموي؟ نعم، لا شيء يمنع من الناحية القانونية، خاصة وأن شكيب بنموسى سبق له أن كان في وضعية مماثلة، حين جمع بين منصبه كسفير للمغرب لدى فرنسا الذي تم تعيينه فيه في دجنبر 2012، وبين رئاسته للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وذلك إلى غاية شهر غشت 2013، تاريخ تعيين نزار بركة رئيسا جديدا للمجلس. لكن، هل المقارنة بين الوضعيتين ممكنة؟ فاللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد، تتطلّب انخراطا كليا مع ما يرافقها من ضرورة تنشيط النقاشات وتنسيقها والقيام بدورالتحكيم والتوجيه على أساس قواعد توافقية. تساؤل آخر، يتعلّق بتركيبة هذه اللجنة المنتظرة. كم سيكون عدد أعضائها؟ فتجربة المجلس الأعلى للتربية والتكوين الذي يتشكل من 99 عضوا، والقائمة منذ 2015، لم تكن مفيدةكثيرا، من خلال البطء والمقاومات وضعف انخراط جزء من تركيبة المجلس… كل ذلك ألقى بثقله على أداء هذه المؤسسة التي لم تكن لتتمكن من إنجاز مهامها، لولا إصرار وتفانيرئيسها عمر عزيمان ومجموعة قليلة من أعضاء المجلس. فأي شكل ينبغي اعتماده اليوم للجنة المنتظرة؟ فالملك طلب أن تكون موسعة ما أمكن، وتضم ممثلين لكل من الإدارة العمومية والقطاع الخاص والجمعيات والأحزاب… تساؤل أخير، هو المتعلق بالأجل الذي ستنهي فيه اللجنة أشغالها، حيث ينبغي توقع استغراق عام كامل على الأقل، أي إلى غاية نهاية العام 2020. وللتذكير، فإن المجلسالاقتصادي والاجتماعي والبيئي استغرق 11 شهرا، من نونبر 2012 إلى غاية أكتوبر 2013، كي ينهي تقريره الخاص بالنموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية. إذا كان الجميع متفقا حول أولويات المستقبل، من صحة وتشغيل وتعليم، فهل ينبغي أن ينم ذلك على حساب الحقل المؤسساتي والثقافي؟ إننا لسنا أمام هدف وضع جذاذات خاصةبكل قطاع على حدة، بل نحن بصدد أمر آخر، هو نظرة شاملة ومرجعية قيمية مشتركة وانخراط جماعي في مشروع موحد. وفي كل هذا، لا ينبغي تعليق العمل بالمقاربة التكنوقراطية،بل على العكس، ينبغي البحث عن مشروع اجتماعي جماعي. فهل سيتمكن شكيب بنموسى من تجاوز ميولاته الشخصية لصالح مقاربة اجتماعية منصبة للجميع ومولدة للأمل؟.