تتفاقم أزمة النقص الحاد في عدد أطباء التخدير والإنعاش بمصالح الإنعاش بالمستشفيات المغربية، لتلقي بتأثيراتها على جودة الخدمات الصحية والعلاجية المقدمة للمواطنين في المؤسسات الاستشفائية العمومية، هذا ما نبه إليه بيان صادر عن التكتل النقابي الذي يمثل هذه الفئة من الأطقم الطبية الأساسية في أقسام المستعجلات ومصالح الإنعاش. وقالت الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش بالمغرب، إن عدد العاملين من هذه الفئة يشهد نقصا مهولا، لا يحترم المعايير المعمول بها، حسب منظمة الصحة العالمية WHO والاتحاد العالمي لجمعيات خبراء التخدير WFSA، إذ يوجد في المستشفيات المغربية أقل من طبيبين للتخدير لكل 100 ألف نسمة، بينما الحد الأدنى المطلوب وفق المعايير الدولية، يتطلب وجود 6 أطباء تخدير كحد أدنى لنفس معدل الساكنة، مع توصية برفعه إلى 20 طبيبا في أفق سنة 2030. وطالبت فيدرالية أطباء التخدير والإنعاش، وزارة الصحة، في بيان تلقت «أخبار اليوم» نسخة منه، بتوفير ما بين 6 أو 7 أطباء تخدير وإنعاش في كل قسم خاصة بمصلحة الإنعاش، وذلك حتى يتمكنوا من القيام بالفحوصات الطبية على أكمل وجه، مع مراعاة قيامهم بالحراسة 24 / 24 مدى حياتهم المهنية، ومع الأخذ بعين الاعتبار فترات العطل السنوية، والرخص المرضية وكذا العطل الاستثنائية وفترة التكوين الإجباري المستمر. وأشار نفس المصدر إلى «مشقة عمل طبيب التخدير والإنعاش التي تستدعي التدخل على عدة مستويات في آن واحد، من خلال التخدير داخل غرفة العمليات وخارجها خاصة في قسم الأشعة، إنعاش البالغين، الأطفال، النساء الحوامل، الإنعاش الجراحي، والطبي، الإنعاش في قاعة الصدمات، وبقسم المستعجلات، علاج الألم، والرعاية التلطيفية، الفحوصات الطبية ما قبل التخدير، زيادة إلى مواصلة الرعاية الطبية في الأقسام الاستشفائية 24 / 24، ناهيك عن المهام الإدارية إلى جانب التكوين والتدريس». وأوصت الفيدرالية ضمن نفس الوثيقة، بضرورة العمل على إلغاء نظام الخدمة الإلزامية الذي لا يتوافق مع تخصص مهنة طبيب التخدير والإنعاش، ومراعاة عبء العمل بهذا التخصص مع ضبط أوقات الاشتغال، ونظام الحراسة مع تخصيص يوم إجباري للراحة التعويضية، وتعديل أوقات عمل أطباء التخدير والإنعاش الذين يتجاوز سنهم 55 سنة. من جانب آخر، دعت الهيئة التمثيلية لأطباء التخدير والإنعاش، إلى إعادة النظر في التشريع الحالي المتعلق بالمسؤولية القانونية لطبيب التخدير، بالنظر إلى مدى خطورة التدخلات التي يقوم بها، معتبرين أن النص القانوني يجب أن يلائم ويراعي خصوصية المهنة، وبالتالي تجنيب الأطر الصحية محاكمات «غير عادلة» و»اتهامات تعسفية»، كما طالبوا الحكومة بوضع استراتيجية ذات رؤية واضحة لقطاع الصحة بالمغرب، تقوم على ترشيد الموارد البشرية وتركيز الجهود والوسائل من أجل إنشاء أقطاب مرجعية. تجدر الإشارة إلى أن أطباء التخدير والإنعاش ليسوا وحدهم من يعانون في العمل بهذا التخصص الطبي، بل حتى مهنيي التمريض سبق لهم أن نددوا بتهميش ممرضي مصلحة الإنعاش والتخدير، حيث سبق للجمعية المغربية لهذه الفئة أن نبهت في بيان أصدرته شهر يوليوز الماضي، إلى إقبار الكفاءات والتخصصات، وإنشاء مناصب وهمية من قبيل «مشرف تقني وإداري على ممرضي التخدير». وكانت الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش، أوصت وزارة الصحة بالتدخل العاجل لوضع حد لإصدار مذكرات مخالفة للقوانين الداخلية للمستشفيات، من أجل تجنب الاحتقان الاجتماعي، والعمل من جهة أخرى على تبني رؤية تشاركية للاستفادة من الرأسمال التمريضي واعتماد التواصل الإيجابي وخلق مناخ عمل تسوده الثقة والحماية، للمساهمة في الرفع من جودة الخدمات الصحية، عبر توفير شروط السلامة المطلوبة للمواطن بالمرفق الصحي العمومي.