الجهاديات المغربيات والأوروبيات المفترضات اللواتي سافرن منذ سنة 2014 إلى مناطق التوتر في سوريا والعراق، سواء تعلق الأمر باللواتي سافرن لخدمة التنظيم الإرهابي داعش أو اللواتي رافقن أزواجهن؛ لازلن يشكلن تهديدا حقيقيا رغم سقوط داعش في آخر معاقله، في يناير الماضي، ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في إدلب، آخر معقل المعارضة. هذا ما حذر منه ميغيل آنخل كاربايو، نائب المدعي العام بالمحكمة الوطنية بمدريد المتخصصة في قضايا الإرهاب، يوم الخميس الماضي، خلال يوم دراسي نظمه المعهد الملكي الإسباني (إلكانو) تحت عنوان: “المقاتلون الأجانب: الظاهرة والأجوبة”، وهو اليوم الدراسي الذي عرف حضور خبراء من أمريكا وفرنسا وهولندا. ويرى المصدر ذاته أن خطاب هاته النساء أصبح أكثر تشددا، محذرا من أن “هاته النساء لديهن قدرة كبيرة على التجنيد، لاسيما وسط القُصر”، في إشارة إلى أن مجموعة من الجهاديات المحتملات، من بينهن مغربيات، لديهن أطفال، والذين من المرجح أن يكونوا، أيضا، تربوا على الفكر المتطرف. بدورها، أوضحت كاتبة الدولة الإسبانية في الشؤون الأمنية، آنا بوطيا، قائلة: “حل مشكل هاته النساء رهين بالأفعال التي يمكن إثباتها، إذا لم يتركوا أي أدلة قبل السفر”. وتساءلت: “لماذا سافرن، وبأي نية، وماذا فعلن هناك”، وحذرت قائلة: “التحقق مما وقع على الأرض (السورية) صعب جدا”. في حين عاد ميغيل آنخل كاربايو ليؤكد أن “مجندة مدربة قادرة على تنفيذ اعتداءات”، كما أن “طفلا يبلغ من العمر 5 سنوات يمكن أن يكون جُنِدَ ويستعمل كعامل مجنِد في المعاهد”. ويبدو أن هناك نوعا من الصدام بين الحكومة الإسبانية والقضاء الإسباني. إذ في الوقت الذي وعدت فيه الحكومة بترحيل في الأيام المقبلة 17 يتيما مغربيا حاملا للجنسية الإسبانية وأمهاتهن الأربعة (ثلاث مغربيات) المحتجزين في ظروف لاإنسانية وغير صحية في مخيمي “الهول” و”روج” في شمال سوريا، تحذر النيابة من التحديات التي تطرحها عملية الترحيل ومحاكمتهن في إسبانيا في ظل غياب أدلة تؤكد أن القصد من سفرهن إلى سوريا هو داعش وليس مرافقة أزواجهن. بدورها، كشفت كريستينا آندرو، قائدة الحرس المدني الإسبانية، خروج 248 جهاديا مشتبها فيهم، بينهم 30 امرأة، من إسبانيا إلى مناطق النزاع، مبرزة أن 155 منهم مغاربة ومغربيات، و48 إسبانيا، و50 آخرين يحملون جنسيات أخرى. وتابع المصدر ذاته أن 133 منهم لازالوا منتشرين في بؤر التوتر، فيما قتل 68 جهاديا، وعاد 47، بينهم مغاربة، وفق ما أوردته صحيفة “إلباييس” في إطار مواكبتها مستجدات الجهاديين الإسبان والمغاربة في سوريا. في نفس السياق، أخضعت إسبانيا 265 سجينا، من بينهم 118 مغربيا، لنظام المراقبة في إطار مخطط سجون ضد التطرف. علاوة على المغاربة الذي خرجوا من إسبانيا، سافر من المغرب نحو 1666 مشتبها فيهم إلى بؤر التوتر، ويرجح وجود أكثر من 200 مغربية وأطفالهن رهن الاحتجاز في مخيم “الهول” و”روج”. المغاربة والبغدادي هل كان الجهاديون المغاربة يعلمون بمخبأ البغدادي؟ وهل كان في الباغوز قبل أن ينتقل ليلتحق بأسرته في إدلب؟ هذان السؤالان عادا إلى الواجهة بعد العودة إلى اعترافات أحد الجهاديين المغاربة الذي تم توقيفهم بعد سقوط داعش في مارس الماضي من قبل قوات سوريا الديمقرطية (قسد). في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”، كان الجهادي المغربي محمد أغدون أكد أن زوجة وابنة زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، هربتا إلى المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال بمساعدة مهربين. وتابع أن المهربين يؤمنون مرورهم بمدينتي حلب وإدلب، حيث كان يريد أغدون الالتحاق بهم سيرا على منوالهم الكثير من رفاقه الذين تمكنوا من الهروب عبر دفع مبلغ مالي معين للمهربين، حسب “إيفي”. واعترف أغدون حينها قائلا: “لازال مغاربة، ومن تطوان أيضا، هنا”. وأضاف أن زوجته وطفله نجيا من الهروب إلى حلب على عكسه هو الذي سقط في قبضة الأكراد.