تزامنا مع التحولات المتسارعة في السياسة الدولية، واشتداد التوتر بين القوى الدولية الكبرى حول مجالات النفوذومراجعة قواعد اللعب في الملفات الإقليمية التي ترتهن إلى توافق هذه القوى؛ تقوم الدبلوماسية المغربية بخروج كبيرنحو العواصم الكبرى للقرار الدولي، حيث صدر، مساء أول أمس، بيان مشترك مغربي أمريكي جدّد تأكيد محاورالتعاون والتنسيق الأمني والعسكري والاقتصادي والسياسي بين البلدين، فيما انتقل رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني، صباح أمس، إلى روسيا، حيث تولى تمثيل الملك محمد السادس في قمة روسية إفريقية هي الأولىمن نوعها. مصادر دبلوماسية غربية التقتها “أخبار اليوم” أخيرا، قالت إن المغرب ليس خارج الترتيبات الدولية الكبرى، والتيتوظف فيها عواصم أوروبية إلى جانب موسكووواشنطن، ملفات الصحراء وإفريقيا والتجارة الخارجية وحقوقالإنسان والقضية الفلسطينية، في تجديد تموقعها تجاه المملكة. وكشفت مصادر خاصة ل“أخبار اليوم” احتمال انتقال وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، من سوتشيالروسية، التي تحتضن القمة الروسية الإفريقية، والتي حل بها قادما من واشنطن؛ إلى العاصمة البريطانية لندن،حيث يحتمل أن يتم الإعلان عن اتفاق تجاري كبير بين المملكتين المغربية والبريطانية، والذي سبق أن أعلن عنه بوريطةقبل أسابيع في الرباط، خلال استقباله مسؤولا بريطانيا رفيعا. في المقابل لم تؤكد مصادر “أخبار اليوم” ما إنكانت مؤشرات التوتر الذي ظهر في العلاقات المغربية الفرنسية مؤخرا، مرتبطا بهذه التحركات الجديدة للدبلوماسيةالمغربية. فقد قالت صحيفة «موند أفريك» الفرنسية الأسبوع الماضي، إن العلاقات المغربية الفرنسية تمرّ بمرحلةتوتّر جديدة، تجسّدت في عدم انعقاد لقاء تقليدي يجرى كل سنة بين وزيري خارجية البلدين في نيويورك، على هامشاجتماع الجمعية العامة. البيان المشترك الذي صدر، مساء أول أمس، بين ناصر بوريطة ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قال إن المغربيعتبر شريكا ثابتا “ومشيعا للأمن على المستوى الإقليمي“، كما أبرز “الجهود المشتركة المبذولة لمحاربة الإرهاب فيإفريقيا، وضمان هزيمة دائمة ل“داعش“، من خلال تعزيز قدرة المصالح الأمنية في المنطقة، لاسيما عبر أرضيةمشتركة للتعاون في المجال الأمني“. وأكدت واشنطن عبر هذا البيان، أن مؤهلات المغرب تجعله بمثابة منصة “وبوابة لعدد متزايد من الشركات الأمريكيةالعاملة في إفريقيا“. وعبّر كل من بوريطة وبومبيو عن ارتياحهما لانعقاد الدورة الأولى لمجموعة العمل الخاصةبإفريقيا، في إطار الحوار الاستراتيجي المغرب– الولاياتالمتحدة، “من أجل تعزيز التعاون بشأن مصالحنا المشتركةفي إفريقيا“. وفي تأكيد لموقف مشترك سابق، قال البيان إن الرباطوواشنطن متفقتان حول “الخطر الذي تمثلهإيران ووكلاؤها“، مضيفا أن الجانبين بحثا “جهود التعاون الرامية إلى التصدي لمحاولات تمدد النفوذ الإيراني فيالمنطقة، بما في ذلك بشمال وغرب إفريقيا“. كما أشار البيان إلى أن بوريطة وبومبيو اتفقا، أيضا، على “مواصلة تعاونهما لتعزيز المصالح المشتركة المرتبطةبالاستقرار الإقليمي، ودحر الجماعات الإرهابية، لاسيما “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وتنظيم “داعش“. وعبّر بومبيو في هذا السياق عن شكره للمغرب، واصفا إياه ب“الشريك الثابت والمشيع للأمن“، على دوره الرياديكرئيس للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وكذا دوره المحوري في التحالف العالمي لهزيمة داعش. وبشكل شبه متزامن مع هذا البيان المشترك، أعلن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، تكليفه من طرف الملك محمدالسادس بتمثيله في أشغال القمة الروسية الإفريقية، والتي تنعقد اليوم، الخميس، على مستوى رؤساء الدولوالحكومات. وكشف بيان صادر عن وزارة الطاقة والمعادن والبيئة المغربية، أن عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادنوالبيئة، سيكون على رأس وفد رفيع المستوى يتكون من مسؤولي قطاع الطاقة والجيولوجيا والمعادن، في القمةالروسية–الإفريقية الأولى التي ستنظم بمدينة سوتشي بروسيا الاتحادية. ويتكون الوفد من مسؤولين عن المكتبالوطني للهيدروكربورات والمعادن والمكتب الشريف للفوسفاط، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب،والوكالة المغربية للطاقة الشمسية ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة. قصاصة لمبعوث وكالة المغرب العربي للأنباء إلى سوتشي، قالت إن روسيا تعتزم إنشاء بُنى تحتية مهمة وتكوينالآلاف من المواطنين الأفارقة في جامعات البلاد، وجعل تعزيز الشراكة والتكامل مع القارة الإفريقية أولوية فيسياستها الخارجية. ونقلت القصاصة عن المؤسسة المنظمة للقمة قولها إن موسكو تسعى إلى البحث عن أشكالجديدة للتعاون الاقتصادي مع إفريقيا، “وخاصة آفاق تنمية المناطق الاقتصادية والصناعية الخاصة، من خلال تهيئةالظروف اللازمة لإنشاء نقاط ولوج البنيات التحتية، وأنظمة تفضيلية للمناطق الاقتصادية للتجارة الحرة، وإنتاجالتكنولوجيا المتطورة“. أما لندن، التي يحتمل أن يحلّ بها بوريطة نهاية هذا الأسبوع، فيحتمل أن يخصها المغرب باتفاق تجاري جديد، سبقلوزير الخارجية المغربية أن أعلن عنه منتصف شهر شتنبر الماضي، حيث كشف قرب انتهاء التحضير لاتفاق تجاريجديد، سينظم علاقات المغرب الاقتصادية مع بريطانيا في مرحلة ما بعد انسحاب هذه الأخيرة من الاتحاد الأوروبي. بوريطة قال، في ندوة صحافية عقدها حينها بالرباط، إلى جانب كاتب الدولة البريطاني المكلف بالتنمية الدوليةوالتنمية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أندرو موريسون، إن البلدين اتفقا على التوقيع، في القريب العاجل،على اتفاق تجاري بين البلدين لما بعد “بريكست“. وفيما جاءت زيارة المسؤول البريطاني للمغرب في سياق الدورة الثانية من الحوار الاستراتيجي المغربي البريطانيالتي انعقدت بالرباط، دفعت المناسبة وزير الخارجية المغربي إلى إعلان دخول العلاقات المغربية البريطانية مرحلة“إرساء شراكة استراتيجية حقيقية“. في المقابل، جدد كاتب الدولة البريطاني تأكيد دعم بلاده الكامل للمسلسلالأممي الرامي إلى إيجاد حل لقضية الصحراء، “وللجهود الجدية وذات المصداقية” التي يبذلها المغرب في هذاالصدد“.