بعد أن تجاوز إضرابه عن الطعام ما يزيد عن 44 يوما، التأمت عدد من الهيئات الحقوقية والفاعلين الحقوقيين، أول أمس الثلاثاء في وقفة احتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة ربيع الأبلق، المعتقل على خلفية أحداث الحسيمة وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وتوجيه رسائل إلى المؤسسات الوطنية المعنية مع رسالة مفتوحة للبرلمان. ورفع عشرات المحتجين، أمام البرلمان، شعارات تندد باعتقال الناشط في حراك الريف والمحكوم بخمس سنوات سجنا نافذا، ربيع الأبلق، مطالبة بسراحه، فضلا عن تسليط الضوء على وضعيته الصحية المتدهورة جراء دخوله في الإضراب عن الطعام. الناشطة الحقوقية سارة سوجار، وفي تصريح خصت به “أخبار اليوم”، شددت على أن الحالة المزرية التي نقلتها أسرة الأبلق ورفاقه في السجن، تستدعي التدخل العاجل للدولة من أجل إنقاذ هذه الحالة الإنسانية، خاصة وأنه ليس الإضراب الأول لربيع الأبلق. وتابعت المتحدثة: “الأبلق خاض إضرابات كثيرة سابقا، وأكيد لديها تداعيات على صحته، فهو يعتبر حياته وجسده السلاح الوحيد من أجل أن يجد هذا الملف الشائك مساره نحو الحل، ويفرج عليه وعلى باقي زملائه”. من جانبه، كذب مصدر مقرب من الأبلق في تصريحه ل”أخبار اليوم”، بلاغ إدارة السجن المحلي طنجة 2، الذي ينفي دخول المعتقل الأبلق في إضراب عن الطعام، مشيرا إلى أنه تواصل مع المعتقل المعني شخصيا عن طريق الهاتف وأكد له دخوله الإضراب منذ مدة. وأوضح المصدر، أنه وخلال الأيام القليلة الأخيرة “لم يعد المعتقل ربيع الأبلق، يقوى على الكلام بسبب تفاقم وضعه الصحي، فأصبح لا ينطق إلا بالشهادة متقطعة، ويطلب المسامحة من رفاقه، كما ألزم شقيقه بعدم إخبار والدته بحقيقة وضعه الصحي،إلى حين رجوعه محملا على نعشه إلى الحسيمة”، يقول مصدرنا مشيرا إلى أن “الأبلق مصمم على الاستمرار في إضرابه إلى الموت، وهذا ما يستدعي تدخل الدولة”. من جانبه، نفى عبد اللطيف الأبلق بدوره ما أوردته إدارة سجن طنجة2 في بلاغها، بخصوص رفض شقيقه ربيع الخضوع للمراقبة الطبية ونفيها دخوله في الإضراب عن الطعام واصفا توضيحاتها ببيان ب”الافتراءات”. وقال عبد اللطيف إنه وفي اتصال بشقيقه أكد له أن “هناك كاميرا مثبتة أمام الزنزانة التي نحتجز فيها، وأتحداهم أن يثبتوا زيارة الطبيب لي، مع أن القانون يحتم على إدارة المؤسسات السجنية إخضاع السجناء للمراقبة الطبية بشكل دوري، هذا في الحالات العادية أما عندما يكون المرء مضربا عن الطعام فمراقبة الوضع الصحي للسجين يكون إلزاميا .. إلا أن شيئا من هذا لم يحدث”. وزاد المتحدث على لسان شقيقه: “يوم الخميس المنصرم 17/10/2019 ، زارني الطبيب ليذكرني بموعد مع طبيب العيون فأخبرته أن الأمر لم يعد ذا أهمية في وضعي الراهن. ثم بعد ذلك زارني الطبيب يوم الأحد، فاستغربت من الأمر، خصوصا وأن اليوم يوم أحد، غير أن استغرابي لم يدم طويلا؛ حيث تفاجأت بزيارة أخرى من لجنة مركزية قادمة من الرباط، ضمنهم طبيب المجلس الوطني المكلف بالسجون، والذي صدمته حالتي الصحية، وعبر عن رغبته في نقلي للمستشفى خارج المؤسسة السجنية، خصوصا وأن معدتي الفارغة لن تسمح بتناولي للدواء”. ثم بعد ذلك عاد ليؤكد تحديه لإدارة المؤسسة السجنية حيث قال: “أتحداهم أن يثبتوا أن طبيبهم قد زاني قبل يوم الخميس المذكور آنفا، أو أني كنت أتسلم وجباتي الغذائية، والكاميرا المثبتة أمام الزنزانة التي أحتجز فيها هي الفيصل بيننا، وأنا مستعد لرفع الإضراب، بل وتلقي عقوبة سجنية أكبر حتى .. وإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فالأيام بيننا، فهي من ستثبت صحة إضرابي.. ولست من النوع الذي سيقلق راحة أمه وعائلته ومسانديه بالالتجاء للكذب.. سأعود إلى الريف قريبا”. وفي ذات السياق، حمل مجموعة من معتقلي حراك الريف بسجن فاس، الذين يقضون أحكاماً بالسجن يصل بعضها ل20 سنة نافذة، الدولة مسؤولية “أي خطر أو مكروه” يمكن أن يطال زميلهم ربيع الأبلق. واعتبر المعتقلون ناصر الزفزافي، نبيل أحمجيق، زكرياء أضهشور، وسيم بوستاتي، سمير إغيذ ومحمد حاكي، في رسالة نشرتها جمعية ثافرا للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي حراك الريف، أن الدولة تسترخص حياة الأبلق ولا تكترث بقيمتها، وأن طريقة تعاملها مع إضراب ربيع الأبلق “جريمة تنضاف إلى السجل الأسود للدولة”. وعبر المعتقلون الستة عن شجبهم لوضعية رفيقهم المضرب عن الطعام بسجن طنجة، احتجاجاً على سلب حريته والظلم الممنهج ضده وضد الريف ومعتقلي الحراك، واعتبروا أن الدولة عبر تعاملها مع إضراب الأبلق عبرت عن “النظرة الانتقامية هي الطاغية على منظورها تجاه الحراك الشعبي، إذ بدل التدخل العاجل لإيجاد الحل وإنقاذ حياته المهددة في كل لحظة”. وبين الشد والجذب الذي يخوضه الحقوقيون وعائلات المعتقلين على خلفية “حراك الريف” من جهة، والمندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج من جهة ثنية، كشفت معطيات حديثة أن وفدا من المجلس الوطني لحقوق الإنسان حل بسجن طنجة للوقوف على الوضع الصحي للأبلق. وقال الناشط الحقوقي خالد البكاري، إن وفدا من مجلس أمينة بوعياش، اطلع على حالة ربيع الأبلق، بعد الحملة التي انطلقت من موقع التواصل الاجتماعي، والتي حذرت من تدهور وضعه الصحي، فيما ينتظر أن يصدر تقرير عن الهيئة خلال الأيام المقبلة. وتوصلت المندوبية العامّة لإدارة السجون ب”رسالة مستعجلة جدا” من”الائتلاف الديمقراطي من أجل إطلاق سراح المعتقَلين السّياسيين وفكّ الحصار عن الرّيف”، تطلب ترخيصا بزيارة المعتقل ربيع الأبلق، في سجن طنجة. وطالبت المراسلة الموجهة إلى محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون ب”التدخل لدى الإدارة المحلية للسّجون بطنجة، من أجل السماح لممثّلي الائتلاف بزيارة، مع تحديد تاريخها، وتوقيتها، في أقرب وقت ممكن”، مشيرة إلى “الوضعية الحرجة لمعتقل الرأي ربيع الأبلق، المحكوم بخمس سنوات، والموجود بالسجن المدني بطنجة، والذي يخوض إضرابا عن الطعام منذ فاتح شتنبر من العام الجاري 2019”. الائتلاف الذي يضم مجموعة من الجمعيات، والمنظّمات، والأحزاب المغربية، من بينها: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية أطاك المغرب، والحزب الاشتراكي الموحّد، وحزب النهج الديمقراطي، وشبيبَته، ومنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ومنتدى الحداثة والديمقراطية، واتحاد العمل النسائي، وحزب المؤتمر الاتحادي، ولجنة الحسيمة للدفاع والمطالبة بإطلاق سراح معتقلي حراك الريف والمعتقلين السياسيين، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف…، شدد أيضا على أنه من الضروري التدخل العاجل لإنقاذ المعتقل المحكوم بخمسة سنوات سجنا. وكانت إدارة سجن طنجة قد أعلنت أن ربيع الأبلق “لم يسبق له أن تقدم لها بأي إشعار بالدخول في إضراب عن الطعام، كما لم يسبق له أن رفض استلام أية وجبة من الوجبات الغذائية المقدمة له”. وقالت في بلاغ لها رداً على تصريحات عائلة الأبلق، “إن النشاط اليومي للمعتقل الأبلق يؤكد أن حالته صحية عادية، لأنه ينتقل يومياً من غرفته إلى ساحة الفسحة التي تبعد حوالي 30 متراً، كما أنه يمارس مجموعة من الأنشطة رفقة السجناء الذين يشاطرونه الغرفة، دون أن تظهر عليه أي من علامات التعب أو الإرهاق أو فقدان التركيز المصاحبة عادة للإضراب عن الطعام”. واتهمت إدارة السجن جهات، لم تسمها، من خارج السجن بالترويج لمجموعة “من الأكاذيب من أجل تضليل الرأي العام”، من خلال ادعاء أن حالة الأبلق “حرجة جراء خوضه لإضراب عن الطعام”، وذلك “خدمة لأجندات خاصة لا علاقة لها بظروف اعتقال الفئة التي ينتمي إليها السجين المذكور”.