دفع اليأس وتدهور الأوضاع في مخيمات الاحتجاز والخوف على حياة ومستقبل أبنائها، في ظل تأخر عملية ترحيلهم إلى المغرب أو إلى البلدان الأوربية التي يحملونه، العديد من الجهاديات المغربيات المحتجزات في مختلف المخيمات التابعة إلى قوات سوريا الديمقراطية، إلى مناشدة الدولة المغربية للتدخل وترحيل الأبناء إن لم ترغب في ترحيلهن. إذ أعربت هذه النسوة عن استعدادهن للتنازل عن أبنائهن لصالح الدولة لكي لا يتحملوا أوزارهن وأخطاء آبائهم، الذين قتلوا جزء منهم في جبهات القتال قبل سقوط التنظيم الإرهابي داعش في يناير الماضي ببلدة الباغوز شمال شرق سوريا. هذا ما كشفته معطيات حصل عليها “مرصد الشمال لحقوق الإنسان” و”المركز المغربي للدراسات الأمنية”، انفردت “أخبار اليوم” بنشر بعض تفاصيلها. ويكشف التقرير أن مجموعة من الجهاديات المغربية، أغلبهن كن ينتمين إلى داعش، مستعدات للتنازل عن أبنائهن لصالح الدولة المغربية في ظل تعذر ترحيلهم جميعا. ومن بين الأسباب التي جعلت الجهاديات المغربيات يخترن مفارقة أبنائهن، تبرز المعطيات ذاتها: أولا، حرمان الأطفال المغاربة من التعليم رغم أن الدراسة انطلقت؛ ثانيا، الظروف الاجتماعية المزرية في ظل انتشار الأمراض وغياب التطبيب؛ ثالثا، وجود أنباء عن توجه قوات سوريا الديمقراطية إلى انتزاع الأطفال المغاربة الذين تتجاوز أعمارهم 8 سنوات من أمهاتهم وإلحاقهم بمراكز التجنيد العسكري؛ رابعا، الخوف من تعرض الأطفال المغاربة للاختطاف والمتاجرة في أعضائهم؛ خامسا، تريد الأمهات أن يعيش أبناؤهن في بلدهم أفضل من أن يتحملوا وزرهن.مصادر من المركز المغربي للدراسات الأمنية كشفت، أيضا، للجريدة أن عدد الجهاديات المغربيات وأطفالهن المحتجزين في مخيمات قوات سوريا الديمقراطية شمال سوريا، لاسيما في مخيمي “الهول” و”روج”، يصل إلى 350 امرأة وطفلا. لكن مجموعة منهم يرجح أنها فرت من المخيمات، بمساعدة مهربين يدفعون لهم تعويضات مالية، في تجاه تركيا من أجل العودة للمغرب. علاوة على أطفال من أصول مغربية يحملون جنسيات أوربية، 16 يتيما من أصول مغربية متأكد من هويتهم يحملون الجنسية الإسبانية. محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان والمركز المغربي للدراسات الأمنية، أكد في تصريح ل”أخبار اليوم” المعطيات السالفة الذكر، مشددا على أن “نداء الاستغاثة التي وجهتها أمهات الأطفال المحتجزات في مخيمات شمال سوريا، تأتي بعدما نفد صبرهم من إمكانية إعادتهم إلى المغرب، وبعدما أصبحت حياتهم وحياة أبناءهن مهددة بالموت عبر شبكات الاتجار في الأعضاء البشرية أو احتمال تجنيدهم من طرف المليشيات المتصارعة بسورياوالعراق”، وتابع موجها كلامه للجهات الرسمية المعنية قائلا: “إنه نداء إنساني نتمنى أن تجد له أذان صاغية لدى المسؤولين المغاربة”. وكانت تقارير غربية رجحت قبل أسابيع أن يكون الجهاديون المغاربة والإسبان والأوروبيون، جزءا من اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة العراقية، بوساطة وموافقة أمريكا، يقضي بنقل 450 سجينا داعشيا من 13 جنسية لمحاكمتهم في العراق. وأضاف المصدر ذاته أن الفوج الأول الذي سيرحل هذا الشهر سيصل إلى 196 جهاديا، ويحملون جوازات سفر إسبانية وفرنسية وسويدية ونمساوية وهولندية ودنماركية والألمانية وبريطانية. وتبين آخر الأرقام أن 300 طفل من مختلف الجنسيات لقوا حتفهم في مخيمات شمال سوريا منذ بداية السنة، بسبب مشاكل في التنفس وسوء التغذية، علاوة على أمراض أخرى. علما أنه في مخيم “الهول” وحده يعيش 40 قاصرا، 3500 منهم أجانب، من بينهم مغاربة، وفق المنظمة غير الحكومية International Rescue Committee.