غيير كلي في موقف قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، ينظر إليه كمقدمة لطي صفحة الخلاف بين تياري “الشرعية”، و”المستقبل”، الذين يخوضان معركة استنزاف طالت لنحو ستة شهور. فقد فوض المكتبان السياسي والفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة، لأمينهما العام، حكيم بنشماش، صلاحية كاملة لتدبير الحوار الداخلي، وإدارة المصالحة مع خصومه في تيار “المستقبل”. القرار انتهى إليه الاجتماع المشترك للمكتبين اليوم الأحد، وصودق عليه بإجماع الحاضرين فيه. وهذا تطور جديد في موقف هاتين المؤسستين التنفيذيتين في الحزب، لاسيما المكتب السياسي بعدما كان بلاغه الأخير عاكس المجهود الذي كان قد بذل لتعبيد طريق المصالحة بين المتصارعين داخل الحزب، لاسيما عندما هاجم شخصيات التيار، وقال عنهم إنهم “إنقلابيون”، لا يمكن أن تجرى أي مصالحة معهم. وكان ذلك البلاغ قد صدر بإيعاز من العربي المحارشي، الذراع الرئيسي لبنشماش. هلكن غيابه عن اجتماع اليوم، كان مؤشرا على تغيير في الموقف سيحدث لدى هذين الجهازين إزاء المصالحة، ناهيك عن الوضع الصعب الذي وجد فيه بنشماش وأنصاره أنفسهم، عقب الإعلان عن استقالة إلياس العماري من آخر مناصبه السياسية في البلاد، أي من رئاسة مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، وهي الخطوة التي ينظر إليها على أنها تمثل “إنهاء لخدمات ذلك الرجل”، الذي كان عاملا مساعدا في تدهور الأمور داخل “البام”. وليس المحارشي وحده من تغيب عن اجتماع اليوم، وإنما أيضا أغلبية الأعضاء الذين يوجد من بينهم من لم يعد يرى فائدة في منطق “كسر العظم” الذي نهجه الأمين العام ضد خصومه. وقد حضر حوالي ثلاثون عضوا فقط، بينما مجموع أعضاء المكتبين السياسي والفيدرالي يفوق تسعين عضوا. وجرت مناقشات موسعة في اجتماع اليوم حول شروط المصالحة مع تيار “المستقبل”، وقدم أعضاء المكتبين السياسي والفيدرالي، رؤى مختلفة عن السقف الذي ينبغي ألا تتجاوزه المصالحة. غير أن بنشماش طلب التفويض له بإدارة العملية بهدف تلقي مقترحات خصومه في ذلك التيار، ثم الترتيب لمصالحة “لا خاسر فيها”، وقد حصل على هذا التفويض في نهاية المطاف. ويخوض الطرفان معارك بالمحاكم كما على الأرض، بحيث تنعقد الأربعاء والخميس المقبلين، جلستان في المحكمة الابتدائية بالرباط للنظر في الدعاوى المتبادلة بين سمير كوادر، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع، وأمينه العام، بنشماش. كما يشار إلى أن هذه اللجنة التحضيرية قد أعلنت عن عقد مؤتمر الحزب في منتصف شهر دجنبر المقبل بعدما أجلت موعده الذي كان مقررا نهاية شتنبر. ولم تناقش في هذا الاجتماع أي عقوبات أو قرارات أو إجراءات تأديبية، كما كان عليه الحال في ما مضى من اجتماعات من هذا القبيل. وقال مصدر حضر الاجتماع، “إن الأمين العام قرر إيقاف كل شيء لمنح المصالحة فرصة”.