تعيش “إسرائيل” على صفيح ساخن منذ أيام، عقب مقتل شاب من أصول إثيوبية على يد شرطى إسرائيلى لم يكن فى مهمة عمل، وهو ما فجر غضبا عارما في أوساط اليهود الإسرائيليين من ذوي الأصول الإثيوبية، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات عنيفة في عدة مدن إسرائيلية خلفت عشرات من المصابين. وتعود تفاصيل الواقعة، عندما أقدم ضابط شرطة على قتل شاب يُدعى سالمون تيكا، الأحد الماضي، في بلدة كريات حاييم شمال حيفا، برصاص حي، مدعيا أن الشاب توجه نحوه مسرعا وحاملا مُدية، ما أجج غضب الجالية اليهودية الإثيوبية المستوطنة في إسرائيل، والذين يطلق عليهم “الفلاشا”، ودفعها إلى الخروج طيلة الأيام الماضية في احتجاجات عنيفة بالجملة، تنديدا بما اعتبروه “العنصرية الممنهجة” ضدهم، والتمييز العرقي الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية إزاء اليهود السود، وهو ما عبر عنه المحتجون من خلال أعمال عنف وتخريب الممتلكات العمومية التي ذهبت حد إشعال النار في الإطارات وقطع الطرقات الرئيسية في عدة مدن بالبلد بالشمال والجنوب، بما فيها حيفا وتل أبيب والقدس ومهاجمة قوات الشرطة وإشعال النار في سياراتهم. وبحسب ما ذكرته صحيفة “إسرائيل هايوم” العبرية، فإن حالة الاحتقان والفوضى، قوبلت من طرف الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بهدف تفريق المحتجين، كما أعلنت الشرطة أنها اعتقلت 1000 شخص، وأن 111 ضابطا أصيبوا بجروح وألقيت عليهم الحجارة والزجاجات والقنابل الحارقة. الشرطة من جهتها، دافعت عن الضابط في بيان لها وقالت إنه رأى اقتتالا بين الشبان وحاول الفصل بينهم “بعدما عرّف الضابط نفسه بدأ الشبان يلقون الحجارة عليه، وقام الشرطي بإطلاق النار بعدما شعر أن حياته في خطر”، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية قالت: “إن الشبان الآخرين وأحد المارة نفوا أن يكون الشرطي قد تعرض لهجوم”، وإنهم عندما اكتشفوا قاموا بقذفه بالحجارة، ما دفعه إلى إطلاق النار تجاههم بعد شعوره أن حياته مهددة بالخطر. حالة التضارب في مسببات الواقعة عززها تصريح والد الشاب المقتول، الذي قال إن الشرطي قتل ابنه لأنه “أسود، هو لم يرد أي شيء سوى أن يكون مع أصدقائه، لا أفهم لماذا قام بذلك؟ هذا ليس قتل، بل جريمة قتل”، مشيرا إلى أن ابنه هو حلقة من مسلسل القتل والتعدي على الإثيوبيين. ومن جانبه، خرج رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتصريح يتيم يعبر من خلال عن “أسفه لمقتل الشاب تاكه”، معزيا عائلته، فيما أوضح إلى أنه تحدث مع القائم بأعمال المفتش العام للشرطة، الذي تعهد ببذل الجهود للوصول إلى الحقيقة بأسرع وقت، ولامتصاص غضب الشارع أشار إلى “إن الطائفة الإثيوبية عزيزة عليه، وأن حكومته تبذل جهودا كبيرة في السنوات الأخيرة لدمجهم في المجتمع الإسرائيلي”، ويبدو أن تصريحات الحكومة الإسرائيلية غير منسجمة ولم تستقر على بر أمان واضح، حيث هدد وزير الأمن الداخلي في حكومة نتنياهو، جلعاد أردان، “بخطوات تصعيدية لوقف حدة المظاهرات”. من جهته، قال رئيس الطائفة الإثيوبية ردا على التصريحات السالفة: “إننا لم نأت إلى إسرائيل ليقتلوا أبناءنا، لقد دفعنا ثمنا غاليا للمجيء إلى إسرائيل، أتمنى أن يكون (سالمون)، هو الضحية الأخيرة”، وأنهى كلامه متسائل: “إذا كان قضاة المحكمة يحكمون بالعدل، فلماذا قاموا بالإفراج عن الشرطي المتورط؟”. هذا الأخذ والرد بين الحكومة الإسرائيلية والطائفة اليهودية الإثيوبية، التي تشكل 2 في المائة من تعداد الساكنة، اعتبره مراقبون مؤشرا واضحا على استمرار العنف وعمليات الشغب والتخريب، خاصة مع عودة ملف “العنف العرقي”، الذي كان سببا في مجزرة مطلع خمسينيات القرن الماضي التي قادها اليهود الشرقيون في حيفا، احتجاجا على العنصرية ضدهم.