ترأس ولي العهد الأمير مولاي الحسن بدلا عن والده الملك محمد السادس، حفل إطلاق العمليات المينائية لميناء طنجة المتوسط 2، والذي يعد امتدادا للمركب المينائي بعدما شملته أشغال التوسعة، وذلك يوم الجمعة الأخيرة (28 يونيو الجاري)، إذ كان وشيكا قدوم عاهل البلاد لافتتاح المنصة البحرية الجديدة، بعدما أقيمت كل الاستعدادات التنظيمية والأمنية لاستقباله في مطار ابن بطوطة بطنجة، طيلة يومي الخميس والجمعة الماضيين، قبل أن يطرأ تغيير طفيف على بروتوكول التدشين. وكلف إنجاز المرفأ البحري الثاني المخصص للملاحة التجارية، والذي ما تزال أعمال توسعته من جانب اليابسة وتهيئة أرصفته من جانب مياه البحر، متواصلة، (كلف) أزيد من 1.3 مليار يورو، أي ما يعادل 13 مليار درهم، وهو ما سيمكن من رفع قدرته الاستيعابية لمعاجلة 4.5 مليون حاوية نمطية خلال هذا العام، عوض 3.4 مليون حاوية في السنة الماضية. وقال مسؤولو الوكالة الخاصة لإدارة الميناء المتوسطي، في ندوة صحافية، إن المرفأ الجديد يشتمل على محطتين للحاويات بقدرة استيعابية إضافية تبلغ 6 ملايين حاوية (20 قدما)، وهو ما يمكنه من التفوق على أكبر مينائين في حوض البحر المتوسط هما “الجزيرة الخضراء” و”فالنسية” من حيث طاقة استيعاب الحاويات، التي يتوقع أن تتجاوز 9 ملايين سنويا بعد اكتمال الأشغال النهائية. وأكد فؤاد البريني، رئيس مجلس الرقابة للوكالة الخاصة للميناء المتوسطي في الندوة الصحافية، أن موقع المركب المينائي طنجة المتوسط كقطب مرجعي بإفريقيا والعالم، من حيث التدفقات اللوجيستية والتجارة الدولية، حيث تعبر من الممر البحري لمضيق جبل طارق أكثر من 100 ألف سفينة سنويا، ينتظر أن يساهم في اجتذاب المزيد من الاستثمار والصناعات التحويلية إلى البلد. وستمكن المنصة البحرية الجديدة، من تحويل المركب المينائي طنجة المتوسط إلى أول قدرة مينائية بالبحر الأبيض المتوسط، وواحدا من أنشط الموانئ العالمية، بفضل قربه من الممرات الدولية البحرية بين إفريقيا وأوروبا وأسيا والولايات المتحدة وكندا وأمريكا الجنوبية، حيث يرتبط بخطوط رحلات تجارية بحرية صوب أكثر من 185 ميناء في 77 دولة حول العالم، من شأنها أن ترفد الاقتصاد المغربي وتحسن التجارة الخارجية، وفق ما أكده إدريس أعرابي، مدير الاستيراد والتصدير بالميناء المتوسطي. وأضاف أعرابي في تصريح ل”أخبار اليوم”، أن الميناء المتوسطي 2، الذي يرتقب أن تنتهي بها الأشغال في سنة 2025، ساهم في تقليص المعدل الزمني لرحلات السفن صوب الوجهات البعيدة كالصين مثلا، إذ انخفضت المدة من 45 يوما قبل إحداث الميناء المتوسطي، إلى 20 يوما فقط، حاليا، أما الرحلات البحرية إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، فتستغرق عشرة أيام، وإلى موانئ هولندا ثلاثة أيام. وأبرز المتحدث، أن نحو 90 في المائة من أحجام الحاويات التي تمر عبر الميناء، هي حاويات “ترانزيت” تتجه إلى وجهات أخرى، حيث يشكل غرب إفريقيا أكبر سوق بحصة قدرها 38 في المائة، في حين يتجه نحو 20 في المائة من إجمالي حجم الحاويات إلى دول أوروبا، فيما تشكل الأسواق الأمريكية الشمالية والجنوبية 10% إلى الأمريكيتين. هذا، ويحتوي الميناء الجديد، الذي يقع على مساحة ألف هكتار ما بين التقاء اليابسة بمياه البحر، على أربعة أرصفة لرسو السفن، تلبي احتياجات العبّارات بأحجامها وأوزانها المختلفة، وتضم مرافق مناطق صناعية ولوجستية وخدماتية وبنى تحتية متطورة، كما يتميز باحتضانه رصيفا أوتوماتيكي دخل حيز الخدمة، سيمكن من تقليص زمن مناولة الحاويات في محطة الاستيراد. ويسهر على تدبير هذا المرفأ الجديد، الذي يتميز، كذلك، بتجهيزات تحترم معايير البيئية لمنظمة الموانئ البحرية الأوروبية، وكذا إدارة نقط اتصال الشحن والنقل البحري، شركة “بي إم تيرمينال”، والتي تملكها “ميرسك” الدنماركية، و”يورغيت” الألمانية، إضافة إلى الوكالة الخاصة لإدارة الميناء المتوسطي. ومن خلال المعطيات والأرقام المقدمة، يظهر أن الدولة ضخت استثمارات عمومية كبيرة في المركب المينائي المتوسطي منذ 12 سنة على الانطلاق الفعلي للمشروع (سنة 2007)، حيث تجاوز إجمالي الاستثمارات، أكثر من 88 مليار درهم، 53 مليارا منها كانت من طرف العملاء الخواص، وفق ما أكده فؤاد البريني، رئيس مجلس الرقابة للوكالة الخاصة طنجة المتوسط، خلال الندوة الصحافية. وأفاد بأن ميناء طنجة المتوسط يعد أول أرضية تصدير- استيراد بالمملكة، بتدفق بلغت قيمته الإجمالية 317 مليار درهم سنة 2018، مشيرا إلى أن مشاريع توسعته ساهمت في تحسين التنافسية اللوجيستية للقارة الإفريقية، وتأكيد اندماج المغرب في أبرز الممرات اللوجيستية العالمية، من خلال تمكين ميناء طنجة المتوسط في أفق قريب من التموقع ضمن أفضل 20 ميناء دوليا للحاويات بالعالم، يقول المسؤول البارز في إدارة “تيمسا”. ويظهر، بحسب متتبعين، أن الدولة تسعى من خلال عمليات توسعة ميناء طنجة المتوسط 2، إلى تعزيز الوضع الاقتصادي للمغرب وموقعه التجاري على الصعيد الدولي، وتلبية طلباته المتزايدة على جذب الاستثمارات الأجنبية، بهدف توفير المزيد من فرص الشغل، والتي تعدت 75 ألف عمل في مصانع الإنتاج بالمناطق الصناعية المجاورة. وبهذه الاستراتيجية تكون المملكة المغربية قد شقت طريقها البحري نحو إفراز خارطة جديدة للملاحة التجارية ستنافس الموانئ الإسبانية في المستقبل القريب.