أسابيع قليلة بعد استنطاقه من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بسجن “الأوداية”، بضواحي مراكش، في شأن ثرائه الفاحش والثروة التي راكمها في سنوات قليلة، داهمت عناصر تابعة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مؤخرا، الزنزانة الانفرادية لمالك مقهى “لاكريم”، المصطفى الفشتالي (44 سنة)، للاشتباه في استفادته من امتيازات غير قانونية، بينها استعمال الهاتف النقال، وهي المداهمة التي طالت، أيضا، وللأسباب نفسها، الزنازين الانفرادية لثلاثة متهمين آخرين بالمؤسسة السجنية عينها، ويتعلق الأمر بابن عمّه، محمد الفشتالي” (31 سنة)، وشقيقي المحرّض المفترض على الجريمة، مراد التاغي (30 سنة) وجمال التاغي (47 سنة). النقيب عبد الرحيم الجامعي و المحامي عبد الرحمان الفقير، اللذان يؤازران الفشتالي وابن عمّه في ملف جريمة “لاكريم”، أوضحا في مستهل الجلسة الأخيرة من محاكمة المتهمين العشرين في القضية عينها، المنعقدة أول أمس الثلاثاء، بأن المداهمة تمت حوالي الساعة الثانية من صباح يوم السبت المنصرم (22 يونيو الجاري)، وامتدت لحوالي نصف ساعة، وقامت بها 10 عناصر تابعة لمندوبية إدارة السجون بالرباط، الذين قالوا إنهم حلّوا بسجن “الأوداية” وأخرجوا المتهمين الأربعة المذكورين من زنازينهم الانفرادية، و أجروا تفتيشا دقيقا لملابسهم ولمحتويات والأفرشة داخل هذه الزنازين التي تقع بمعقل خاص بالسجن نفسه، المعروف رسميا ب”الجناح الأمني”، والذي يقبعون فيه، في إطار الاعتقال الاحتياطي على ذمة المحاكمة، إلى جانب “أخطر المعتقلين” به، بينهم يوسف فكري، المدان بعقوبة الإعدام في قضايا إرهابية. وتابعا المحاميان الجامعي والفقير بأنهما علِما بالمداهمة خلال زيارة مخابرة قام بها لموكليهما داخل السجن، يوم الاثنين الماضي، مطالبين من النيابة العامة، باعتبارها الجهة القضائية التي أوكل إليها القانون صلاحية مراقبة السجون، بفتح تحقيق في ما اعتبراه “إجراءً غير قانوني يؤثر بشكل سلبي على مسار المحاكمة”. وقد تحول الطلب إلى مناسبة شنّ خلالها دفاع “آل الفشتالي” هجوما جديدا على ممثل الحق العام، القاضي يوسف بن الزاوية، إذ تنبأ المحامي عبد الرحمان الفقير، من هيئة مراكش، في مرافعة حادة بألا يخرج ردّه على الطلب بالتصريح بأنه “لا علاقة له بالمداهمة ولا علم له بها”، مشيرا إلى أنه فيما يتفاعل كل من الوكيل العام بمراكش، الحبيب بندحمان أبوزيد، ونائبيه الأولين، القاضيان عبد العزيز النّاجي وعبد الكريم القصاري، مع طلبات الدفاع ويردان عليها كتابيا، لا يتعامل معهم بالطريقة نفسها القاضي بن الزاوية، الذي كان ردّه هادئا كعادته وتعهد في تعقيبه بفتح تحقيق والتطبيق السليم للقانون. وقبل الشروع في استنطاق المتهم الوحيد المتبقي في الملف، ويتعلق الأمر بالمتهم الصديق الرايس، الذي كان صرّح، خلال الجلسة السابقة الملتئمة بتاريخ 18 يونيو الحالي، بأنه غير جاهز للاستنطاق، لعدم فهمه للتصريحات التي أدلى بها المتهمون المستنطقون الآخرون بسبب عدم إتقانه للغة العربية، تقدم دفاعه ب3 دفوع شكلية متعلقة بالحراسة النظرية لمؤازره، الذي قال إنها تجاوزت المدة القانونية من تاريخ توقيفه بإسبانيا إلى حين تقديمه أمام النيابة العامة باستئنافية مراكش، وانتفاء حالة التلبس، موضحا بأنه كان يقضي عطلته الصيفية بأحد الفنادق باسبانيا، قبل أن تتم مداهمة غرفته ويجري اعتقاله، فضلا عما اعتبره “عدم احترام الشكليات الواردة في الاتفاقية المبرمة بين المغرب وإسبانيا المتعلقة بتسليم المتهمين”، خلال تسليمه من طرف السلطات الإسبانية لنظيرتها المغربية، وهي الدفوع التي قرّرت المحكمة ضمّها للموضوع. وبعد أن أنكر التهم الموجهة إليه، أجرت غرفة الجنايات الابتدائية مواجهة لآخر المتهمين المستنطقين مع ابن عمته، “نجيم كوجيلي” (27 سنة)، المعتقل بدوره في القضية نفسها، والذي صرّح بأنه كان يقضي شهر العسل بتركيا، قبل أن يتصل به قريبه “الصديق الرايس” هاتفيا ويطلب منه الانتقال إلى مراكش، برفقة زوجته، من أجل إنجاز مهمة لم يحدد له طبيعتها واعدا إياه بمبلغ 5000 أورو كهدية زواجه بعد عودته لهولندا، وهو ما قام بتنفيذه، حيث انتقل إلى المدينة الحمراء، صباح يوم وقوع الجريمة، وكان في انتظارها بها كل من “مراد التاغي” و”أشرف البكاي”، اللذين استأجر له الفيلا رقم 16 بتجزئة “الأزهر” ب 2000 درهم لليلة الواحدة، التي قال إنه تركها لكونها متسخة لينتقل للإقامة بأحد الفنادق. وأكد كوجيلي بأن الرايس، المشتبه في أنه هو من تولى التنسيق بين المحرّض المفترض على الجريمة والشبكة الإجرامية التي تكلفت بالإشراف الميداني على تنفيذها، والتي انتقل أفرادها تباعا إلى المغرب، قبل حوالي أسبوعين من الهجوم المسلح، (أكد) بأنه مروج للمخدرات بكل أنواعها بهولندا، وأنه هو شخصيا كان يعمل لديه ويتقاضى منه بين 50 و100 أورو أسبوعيا. كما أجرت المحكمة مواجهة بين المتهم عبد الحافظ أعتوش”(23 سنة)، وهو طالب بكلية الآداب بمراكش، ومراد التاغي، الذي قال أعتوش إنه سبق له أن التقاه، بتاريخ 27 أكتوبر من 2017، بموقف السيارات المقابل لمطعم مشهور بحي كَليز، وكان يرغب في كراء سكن مفروش، مقدّما له نفسه باسم كريم، وتابع بأنه ركب معه في سيارة رباعية الدفع من نوع “تويوتا برادو” وتوسط له في كراء العديد من الشقق والسيارات خلال الأيام القليلة التي سبقت الجريمة. الجلسة ال 15 كانت صاخبة، فما إن انتهت مواجهة بين المحاميين الفقير ومراد حركات، حتى اندلعت مواجهة أخرى بين المحاميين رشيد كنزي وحسن بنعلال، من هيئة الدارالبيضاء، المؤازرين للأخويين التاغي، مع رئيس هيئة الحكم، القاضي عبد الهادي مسامح، الذي رفع الجلسة وحدد الثلاثاء المقبل (2 يوليوز القادم) موعدا للجلسة القادمة، قبل البت في طلب تقدما به متعلق بإحضار المحجوزات، والاطلاع على تسجيلات الكاميرات المثبتة بكاميرا “لاكريم”. هذا، وعلمت “أخبار اليوم” بأن تدخلا من طرف نقيب هيئة المحامين بمراكش أثمر لقاءً، بعد رفع الجلسة، بين المحاميين المذكورين والقاضي مسامح، الذي تعهد بالبت في الطلبات السابقة خلال الجلسة المقبلة.