بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة على انطلاق المرحلة الاستئنافية من قضية «كازينو السعدي»، قرّرت غرفة الجنايات الاستئنافية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، أول أمس الخميس، استدعاء جميع المتهمين ال 11، المتابعين في حالة سراح، لحضور الجلسة المقبلة، المقرّر انعقادها بتاريخ 13 يونيو القادم، ولم تستثن المتهمين المعفيين من الحضور. ويتعلق الأمر بالمقاولين المتقاعدين، عبد الغني المتسلي (90 سنة)، المحكوم عليه ابتدائيا بثلاث سنوات نافذة لإدانته بجناية «الإرشاء»، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفقرة الثانية من المادة 248 من القانون الجنائي والمادة 251 من القانون نفسه، على خلفية اتهامه بتقديم ست شق كرشوة للقيادي الاستقلالي والرئيس السابق لبلدية المنارة جليز، عبد اللطيف أبدوح، لتسهيل الحصول على الوثائق الخاصة بمشروعه السكني «سينكو»، وإحداث طريق بتمويل من البلدية في قلب المشروع نفسه، وأحمد البردعي (89 سنة)، الذي تمت تبرئته ابتدائيا من جناية «المشاركة في تبديد أموال عامة»، وجنحة «التوصل إلى تسلم رخصة إدارية لاحق له فيها عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة واستعمالها»، المنصوص عليهما وعلى عقوبتهما في الفقرة الأولى من المادة 241 من القانون الجنائي، والمادتين 129 و361 من القانون نفسه، اللتين تابعه بهما قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال، على خلفية اتهامه بالحصول على ترخيص لإحداث الشطر الخامس من تجزئته «سيدي عبّاد» فوق عقار سبق له أن التزم بالتنازل عنه لفائدة الجماعة لاستغلاله كمساحة خضراء، بمقتضى تنازل مؤرخ في 16 شتنبر من 1982، يحمل بصمته وتوقيع رئيس بلدية مراكش حينئذ، القيادي الاستقلالي مولاي امحمد الخليفة، قبل أن يحصل من أبدوح على ترخيص، بتاريخ 12 أكتوبر من 2001، تحولت معه المساحة الخضراء المذكورة إلى تجزئة سكنية. وبعد أن كانت أعفتهما من الحضور، خلال الجلسة ما قبل الأخيرة الملتئمة بتاريخ 21 مارس المنصرم، عادت الغرفة، برئاسة القاضي حسن عقيلة، وكلفت محامييهما بإحضارهما للجلسة المقبلة، التي لم تؤجلها سوى لأسبوعين اثنين، عكس التأخيرات السابقة التي كانت تمتد لأكثر من شهرين. وعلى عكس المرّات السابقة، فقد كانت الغرفة متحمسة، هذه الجلسة، للشروع في مناقشة الملف، ورغم تغيّب المتهم المستشار الجماعي، محمد نكيل، المحكوم ضده ابتدائيا بثلاث سنوات نافذة وغرامة قدرها 40 ألف درهم، لإدانته بجناية «الرشوة والمساهمة في تبديد أموال عامة»، وجنحة «الاتفاق على أعمال مخالفة للقانون في إطار اجتماع أفراد يتولون قدرا من السلطة العامة»، والذي أدلى محاميه بشهادة طبية يبرّر بها تخلفه عن حضور جلسة أول أمس، فقد اعتبرت المحكمة الملف جاهزا للبت، وكانت تعتزم فتح المجال للمرافعات، لولا أن اعترض على ذلك المحامي عبد الحميد المدهون، من هيئة مراكش، الذي ينوب عن المطالب بالحق المدني الوحيد الذي لازال يحضر المحاكمة، ممثلا في الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة «ترانسبرانسي المغرب». المحامي عبد الحميد المدهون اعتبر بأن مناقشة الملف في غياب أحد المتهمين يعد «خرقا قانونيا في المادة الجنائية»، خاصة وأن المحكمة لم تصدر قرارا سابقا بإعفائه من الحضور، ولم تطبق في حقه المسطرة الغيابية. وطالب بتأجيل المحاكمة إلى حين حضور جميع المتهمين، خالصا إلى أن البت في الملف في غياب المتهم المذكور سيكون مبرّرا وجيها ووسيلة للطعن بالنقض في هذا الملف بعد صدور أحكامه الاستئنافية، على اعتبار بأن حضور المتهمين في مادة الجنايات يعد إلزاميا، وهو ما استجابت له الغرفة، التي قرّرت تأخير الملف لأسبوعين اثنين. مصدر قانوني اعتبر بأن استدعاء جميع المتهمين للجلسة المقبلة يعد مؤشرا على أن الغرفة من المرجح أن تنهي فيها مناقشة الملف، قبل أن تعطي الكلمة الأخيرة للمتهمين وتُدخل الملف للمداولة، لتصدر، في آخر الجلسة نفسها، الأحكام في هذه القضية المتعلقة ب»الاختلالات المالية» التي عرفتها بلدية المنارة جليز، خلال ترؤس أبدوح لمجلسها بين 1997 و2003، والتي صدر في شأنها تقرير عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، أكد بأن «أكثر من 46 مليار سنتيم ضاعت في تفويت المجلس المذكور لأملاك جماعية لفائدة مؤسسات فندقية وخواص بأثمنة بخسة وفي أجواء غابت فيها الشفافية».