في بيته بحي لحبوس بمدينة الحسيمة، استقبلنا أحمد الزفزافي والد قائد حراك الريف ناصر الزفزافي المحكوم عليه بعشرين سنة سجنا. الزفزافي الأب يحكي لنا في هذا الحوار عن أصول عائلته وعلاقتها بمحمد بن عبدالكريم الخطابي، ويسرد لنا روايته لأحداث 1959 ثم 1984 كشاهد عيان، كما عرج للحديث عن تجربته السياسية وعلاقته بحزب الأصالة والمعاصرة، ثم حكى لنا عن طفولة ابنه الذي أصبح أيقونة حراك الريف، اهتماماته وتفاصيل عن نشأته وحياته… من هي الشخصيات المغربية التي كان ناصر متأثرا بها؟ ناصر كان يقرأ كتب عبدالكريم الخطابي وكان دائما يستدل بمقولاته، وفي إحدى المرات كان لدي كتاب في المكتبة لم أنتبه له، فقرأه ناصر وقال لي إن “عبد لله إبراهيم في إحدى المرات استطاع قول “لا” لمحمد الخامس، فوصل الخبر للخطابي، وكان آنذاك في القاهرة، فقال لهم: “الحمدلله نصف رجل ظهر في المغرب”.. تقصد أن ناصر كان يقرأ فقط، كتب عبدالكريم الخطابي أو المتعلقة به؟ نعم، لأنني كنت أحكي له عنه، وعن عمه وعن أجداده الذين عاشوا معه، وهو زعيم المغرب بأسره وليس فقط منطقة الريف، لكن الدولة لا تريد الاعتراف به. الخطابي تتلمذ على يده زعماء العالم، مثل ماو تسي تونغ الذي اعترف أنه نهل من مدرسة الخطابي، وتشي غيفارا قال الكلام نفسه. وبخصوص غيفارا كانت لدي صورة له مع عبدالكريم يستمع إلى الأخير بإمعان وهو يدون كلامه. الآن تجد ريفيا يضع صورة تشي على قميصه ويتناسى الخطابي.. هل أثرت شخصية عبدالكريم الخطابي بشكل كبير على ناصر؟ بطبيعة الحال أثرت فيه.. حين كان طفلا هل كان معجبا بعبدالكريم الخطابي؟ كنت أتحدث له عنه، وهو كان معجبا بجميع عقلاء العالم وليس فقط الخطابي، لكن الدولة للأسف تُغيبه. أنا هنا ومن هذا المنبر أطالب الدولة المغربية بأن تعترف بالمنطقة وتعترف بتاريخها، وفي حال لم تعترف بتاريخها فهذا يؤشر على أنها لا تنوي أن تتصالح مع الريف. العالم كله يقول إن للريف تاريخ، لكن الوطن ومسؤولي الدولة يعتبرون تاريخنا تهمة، وكذا زعيمنا ورايتنا تهمة.. يجب أن يشرحوا لنا لماذا تاريخنا تهمة. وأتحدى أي مسؤول في المغرب أن يثبت أن تاريخنا تهمة.. في أي سن بدأ ناصر المطالعة؟ ثم ما هي الكتب التي كانت تستقطب اهتمامه لأنني لاحظت أن لديك مكتبة متنوعة؟ كانت قراءات ناصر متنوعة إذ كان يهتم بكتب التاريخ والفكر والسياسة. والآن، ومن داخل السجن أوصاني على مجموعة من الكتب، لكن في بعض الأحيان ترفض إدارة السجن أن تدخل الكتب للمعتقلين خوفا من المجهول. الآن، ناصر مسلوب الحرية داخل السجن، لكن لا يجب أن يسلبوه حتى الحق في القراءة. ومرارا رفضوا إدخال حتى الجرائد، خصوصا صحيفة “أخبار اليوم”، لأنها تتضمن أخبارا عن المعتقلين، رغم أنها جريدة وطنية ومرخص لها وتباع في الأكشاك وفي الأماكن العامة.. لم تجبني في أي سن بدأ المطالعة؟ حين خرج من المدرسة، أصبح مدمنا على المطالعة، لدرجة أن البعض كان يعتقد أن مستواه الدراسي جامعي وليس الأولى ثانوي.. هل كان يسألك عن بعض عناوين الكتب ليطالعها؟ كان يسألني حين يريد أن يقرأ في موضوع معين عن الكتاب الذي يستطيع أن يقرأه، فأوجهه، والآن لديه مكتبة في السجن، مئات الكتب جلبها له الصحافيون والمحامون والنشطاء الحقوقيون وأنا أخذت له كتبا كثيرة، وفي كل مرة كان يوصيني أن أجلب له كتبا أخرى.. حين كان طفلا، هل كان خجولا؟ بالعكس لم يكن يوما خجولا، بل كان مندفعا دائما، خصوصا عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، إذ كان يدافع عن المظلوم والمقهور، كما كان دائما بجانب الحق منذ صغره.. قبل سنة 2011 هل كان يخرج ناصر مع الحركات الاحتجاجية؟ ناصر كان يذهب حتى مدينة مراكش مع الحركة الأمازيغية للمشاركة معها في المسيرات، وكان يخرج مع النهج الديمقراطي أثناء توزيعهم منشورات مقاطعة الانتخابات..”