بعد مرور حوالي شهر على اندلاع معارك طرابلس، يبدو أن حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دوليا، وصلت إلى مرحلة “الطلاق البائن” مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يحظى بتأييد قبائل الشرق، بعد هجومه على العاصمة طرابلس، قبيل مؤتمر للحوار، مما أدى إلى تسارع الأحداث بشكل بات يهدد الاتفاقات السياسية المبرمة، وفي مقدمتها اتفاق الصخيرات الذي تم بإشراف مغربي. الخبير في الشؤون الليبية، عبد الكريم فوزي، أحد أبرز المساهمين في إنجاح هذا الاتفاق واستقطابه لأهم رموز ثوار 17 من فبراير، كشف أن التطورات الجارية على الساحة الليبية تحتاج إلى الكثير من التدقيق في المشهد العسكري الليبي، الذي يشهده محيط الأحداث حول العاصمة طرابلس. وأوضح فوزي أن التطورات الجارية يحاول القائد العسكري خليفة حفتر من خلالها السيطرة عسكريا على طرابلس أياما على توصل الفرقاء الليبين لاتفاق تحت رعاية الأممالمتحدة. وهي الأحداث المتسارعة التي قال الخبير في الشأن الليبي إن لها تداعيات مهمة وطويلة المدى على دول الاتحاد المغاربي خاصة، والمحيط الإفريقي والعربي عامة، لأن الطرف الذي سيحسم المعركة عسكريا لصالحه سوف يحدد هوية ليبيا في المستقبل من الأيام. وكشف فوزي، أن هناك فضاءين يتنازعان المصالح الجيوسياسية في ليبيا حاليا، أولها الفضاء المغاربي، الذي يعمل بقوة وبمنطقية للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، والتأثير الإيجابي في دول الجوار الإفريقي. وأضاف فوزي أن المصالح السياسية في ليبيا يتنازعها الفضاء الشرقي، الذي “تمثله مصر وتتحكم فيه عواصم الخليج، والذي يسعى لتقوية كل نفوذ جديد له وكسب أوراق جديدة في منطقة الشرق الأوسط، لضمان الرضا التام من اللاعبين الدوليين الذين يبحثون عن وكيل يوفر لهم الحد الأدنى من عدم المساس بأمن إسرائيل”. ونفى الخبير في الشؤون الليبية، الذي ساهم في الإشراف على الحوار الليبي بالمغرب، أن “تكون القضية الليبية داخلية”، مؤكدا أنها “قضية سياسية لن تحصرها الحدود، ومن ظن ذلك فهو واهم، لأن النفوذ المصري، لو قدر له أن يبسط سيطرته على ليبيا عن طريق حفتر، فلن يكتفي بذلك، فشهية النظام المصري لن تقف في صحراء ليبيا، وسنسمع عن القلاقل والاضطرابات والابتزاز التي ستنتقل مباشرة إلى تونس بالدرجة الأولى، ثم الجزائر والمغرب وموريتانيا”. وقال فوزي في تحليله، إن ما يجري من تطورات في الساحة الليبية، “ليس من باب التكهن، ولا التخويف ولا التهويل، بل أمر حتمي يؤكده تاريخ العسكر عندما يسيطرون على دولة مجاورة، وتؤيده الترويكا العجيبة التي تجمع بين جنرالات مصر وضباطهم في ليبيا وبين حكام الإمارات والسعودية، الذين أصبحوا يتعاملون بوحشية ترفض استقرار أو هناء أي دولة من الدول، فيحرصون على القيام بانقلاب في الأردن والتجسس على المغرب وسكب البنزين على النار في الجزائر، ليستمتعوا هم بصراعات الشعوب الكادحة”. وقال فوزي إن “أي موقف يسير في اتجاه المحافظة على وحدة ليبيا، سيكون رصيدا لدول المغرب العربي، وأي تأخير في ذلك إنما هو تفريط في البوابة الأمامية لهذا الاتحاد المغاربي، وسيتبعه بلا شك انفراط في العقد، ولو بعد حين”. وتعليقا على الأنباء التي تتحدث عن تدخل بعض دول الخليج في الشأن الليبي، ومحاولتها إفشال اتفاق الصخيرات، كشف فوزي “أن أول من بدأ في إفشال هذا الأخير، هما دولتا الإمارات والسعودية، لأن كل الفرقاء الليبيين الذي وقعوا على الاتفاق كانوا يحجون للمغرب، وبعد ذلك يتم استدعاؤهم للإمارات والسعودية، من أجل استمالتهم بطرق مختلفة، فكانت هاتان الدوليتان معول تخريب للاتفاق، لأنهما لا تريدان أن تكون منطقة المغرب العربي بعيدة عن الصراعات وتعيش في ود وسلام”. وأوضح الخبير في الشأن الليبي، أنه بالرغم من احتضان المغرب للحوار وسعيه لتقريب وجهات النظر الليبية، لكنه لم يكن في يوم من الأيام ينحاز لجهة ضد جهة أخرى، لأنه دولة توافقية بامتياز، مشددا على أهمية الدور الدبلوماسي للمغرب، والذي “يمكن أن يقدم مساعدة عبر دعوته جميع الفرقاء للجلوس على طاولة واحدة للحوار بعقلية تصالحية، وأن يكون الحل في إطار المغرب العربي، لأن الإمارات والسعودية أصبحتا غير مرغوب في تواجدهما في أي حوار، سواء تحت لواء الأممالمتحدة أو غيره، لذلك يحرص المسؤولون الليبيون للتوجه إلى المغرب، وفي مقدمتها زيارة جمعة القماطي، المبعوث الشخصي لرئيس حكومة الوفاق الوطني للمغرب، ومطالبته السلطات المغربية بتقديم المساعدة. 6