كان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز واضحا في تعليقه على قضية الصحراء قبل أيام قليلة، لما قال: “إن الغرب والولايات المتحدة وأوروبا لا يريدون قيام دولة تفصل بين موريتانيا والمغرب جغرافيّا، وهنا تكمن المعضلة، وكل ما تسمعه خارج هذا الإطار غير صحيح”، وذلك في تصريح خاص بموضوع النزاع حول الأقاليم الصحراوية الجنوبية المستمر منذ أربعة عقود، ضمن مواضيع أخرى عرضها موقع رأي اليوم، في حوار مطول مع الكاتب والصحافي الفلسطيني عبدالباري عطوان. وبالتالي، يبدو أن ولد عبدالعزيز مقتنع إلى حد كبير، أن حلم جبهة البوليساريو الانفصالية، بعيد المنال، وأكثر من ذلك لا يتسم بالواقعية، إذ إن رغبة الجبهة في تأسيس “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، في الأقاليم الجنوبية لن يتحقق، حسب رئيس موريتانيا، فالأمر غير داخل في حسابات دول الشمال. وكما هو معلوم لدى الرأي العام، يبقى الرئيس الموريتاني واحدا من أكثر الحالات الرئاسية النادرة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، فالرجل يبدو شديد الاقتناع بوجوب ترك كرسي الرئاسة بعد ولايتين اثنتين فقط، على عكس نظرائه من رؤساء في معظم جمهوريات المنطقة، وبذلك يبقى ولد عبدالعزيز ملتزما بالدستور الموريتاني الذي يحدد بقاء الرئيس لولايتين فقط، دون أن يلجأ إلى أي تعديل لتثبيت نفسه لولاية أو ولايات إضافية، وهو الذي فاز في انتخابات يوليوز 2009، ثم يونيو 2014. وقال عبدالباري عطوان في هذا السياق، إن رئيس موريتانيا “طرد الجوقة المنافقة التي طالبته بتعديل الدستور والبقاء في الحكم”، كما أشار مدير “رأي اليوم”، إلى وجود بساطة في شخص الرئيس، إذ التقاه في القصر الجمهوري الذي قال إنه متواضع الأثاث وخال من الحراس تقريبا، مضيفا أنه لم يتعرض لأي تدقيق أو تفتيش، قبل لقاء الرئيس، باستثناء سؤال عابر لسائق السيارة التي نقلت عطوان إلى باب القصر الرئيسي. وأشار المقال، الذي بدأه كاتبه ب”أكتب لكم من بلاد شنقيط ومفارقاتها.. رئيس يصر على الرحيل ويرفض تعديل الدستور.. ورجال يفضلون “السمينات” والأكثر طلاقا…”، إلى أن الحديث مع ولد عبدالعزيز كان عبارة عن دردشة متسمة بالعفوية، كما أنها كانت بعيدة عن التسجيل والرسميات، وشدد فيها بخصوص الأحداث التي تعيشها الجزائر، أنه يتمنى أن يحافظ الجزائريون على قوات بلادهم المسلحة، وأن يحافظوا أيضا على هيبتها لأنها ضامن وحدة البلاد واستمرار مؤسساتها. ومغاربيا أيضا أعرب رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية عما وصفه عبد الباري عطوان “تأييدا مبطنا” للمشير خليفة حفتر في ليبيا، وللجيش الوطني الليبي الذي يقوده، وتمنى أن يفلح حفتر في السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس. وأبدى عبدالباري عطوان إعجابه الشديد بجارة المغرب في الجنوب، واصفا إياها ب”البلد الأصيل الذي حكمت عليه العوامل الجغرافيّة أن يكون النّقطة الأبعد عن المشرق العربي”، كما أثنى على الجانب المحافظ من البلد بقوله إن موريتانيا تبدو الأكثر تمسّكًا بالعروبة والعقيدة الإسلامية، ولم يفوت مدير “رأي اليوم” الإعجاب بموقف نواكشوط من دولة الكيان الصهيوني، قائلا إن هذا البلد: “دخل التّاريخ الحديث بأنّه أوّل دولة عربيّة تُغلِق السّفارة الإسرائيليّة وتطرُد السّفير، والأكثَر منذ ذلك لتُرسِل الجرّافات لاجتِثاث مبنى السّفارة من جُذوره”. وتجدر الإشارة إلى أن محمد ولد عبدالعزيز ثامن رئيس موريتاني منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1960، والتاسع عند احتساب با مامادو امباري، الذي شغل المنصب من شهر أبريل إلى غشت سنة 2009، وذلك خلفا لمحمد ولد عبدالعزيز، الذي قدم استقالته آنذاك، لإدخال البلاد فترة انتقالية تجرى فيها الانتخابات. استقالة ولد عبدالعزيز حينها جاءت بعدما ترأس البلاد من غشت 2008 إلى منتصف أبريل 2009، وذلك بالانقلاب عسكريا على سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، وحل مجلس الوزراء، ووُضِع ولد الشيخ عبدالله تحت الإقامة الجبرية. وتقبل موريتانيا على انتخابات أعلن رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر ترشحه لها، وسيواجه خلالها حليف محمد ولد عبدالعزيز، الجنرال محمد ولد الشيخ محمد أحمد المعروف ب”ولد الغزواني”، الذي استقال من منصب وزير الدفاع الذي أعلن ترشحه مطلع مارس الماضي، والذي يصفه البعض ب”الرئيس الجاهز”.