بات المئات من السكان المقيمين بمنطقة أولاد سلمان والذين يُجاورن الميناء المعدني الجديد والمحطة الحرارية لآسفي، مهددين بالنزوح نحو المدينة بعدما سلكت وزارة التجهيز جميع مساطر نزع الملكية بغرض إقامة مشروع وحدة صناعية تابع للمكتب الشريف للفوسفاط، تمتد على العشرات من الهكتارات، وكذا بناء منطقة «لوجيستكية» جديدة تُحيط بالمصانع المذكور الضخمة، أبرزها «الأوسيبي» و»الميناء الجديد» والمحطة الحرارية. ويُخطط مكتب الفوسفاط لربط مصنعه أيضًا، بشبه نفق أرضي من خلال أنابيب ضخمة للنقل الفوسفاط قادمة من المناجم ب»الكنتور» باليوسفية نحو آسفي، بعدما فطن قبل سنوات إلى أن تكلفة نقل الفوسفاط من خلال القطار تكون جد مكلفة، ويدخل ذلك في إطار إعداده لوحدته الصناعية الجديدة، التي كلف وزارة التجهيز بنزع الأراضي من الفلاحين الصغار لصالحه، وتؤكد مصادر الجريدة أن العملية الأخيرة تتعلق بشبه تهرب من المسؤولية الاجتماعية فيما يتعلق بترحيل السكان. وكشفت مصادر جيدة الاطلاع ل»أخبار اليوم»، أن وزارة التجهيز ستشرف على المنطقة «اللوجيستيكية» التي سيتم بناؤها في تراب جماعة «أولاد سلمان»، وسيتم بناء وحدة صناعية جديدة للمركب الشريف للفوسفاط، وتمتد جميع الأراضي المذكورة، التي نزعت منها الملكية، على مساحة 3000 هكتارًا، بناءً على مرسوم إعلان للمنفعة عام تحت عدد 2.13.133 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6146 والقاضي بتهيئة المنطقة المينائية المحاذية لمشروع الميناء المعدني الجديد بجماعة أولاد سلمان ضواحي مدينة آسفي. وحددت اللجنة الإدارية للتقييم وفقا لقانون مسطرة نزع الملكية، تحث إشراف وزارة الداخلية، 100 درهم للمتر المربع خصصت للألف متر الأولى من الأراضي بمقابل خفض الثمن عن باقي الأشطر من الأراضي، حيث هبط إلى 12 درهم في المساحات التي تتجاوز الهكتار، ورفض أهل المنطقة هذه الأثمنة المقترحة، قبل أن يتوجهوا إلى المحكمة الإدارية بمراكش، التي قضت ومن خلال خبير قضائي، حمكها الاستئنافي في بعض الأراضي ب250 درهمًا للمتر المربع. وبفعل عملية نزع الملكية من الملاك الأصليين للأراضي والفلاحين الصغار، بداعي المنفعة العامة، لا يعرف أهل 700 دوار، بمعدل 5 أفراد في كل دوار بحوالي 3500 فرد، مصيرهم بعد الترحيل، إذ كشف السكان في تصريحات متباينة ل»أخبار اليوم»، أن الأثمنة التي قدمت لهم عن الأراضي تظل غير كافية لبناء مساكن أخرى والعيش في الوسط الحضري، نظرًا لأثمنة العقار الصاروخية، وكشف فلاحون صغار في المنطقة أن «الفلاح» الذي لا يملك هكتارات كثيرة من الأرضي، سيتقاضى ثمنا أقل بكثير من نظرائه، وبتالي لا يمكنه استغلاله للكراء في المدينة أو التجارة، وبتالي جرى الحكم على المئات من المواطنين بالتشرد والضياع. وأفادت مصادر «أخبار اليوم» أن اللجنة الإدارية للتقييم التابعة لوزارة الداخلية ووزارة التجهيز والنقل، سلكتا مساطر أحادية الجانب في التفاوض، وغيبت رئيس الجماعة في أولاد سلمان رغم صفته الاستشارية، وظل الأخير بدوره ضاربا جدارًا سميكا من الصمت المطبق، وأكد المصدر ذاته أن الوزارة عمدت إلى عدم إشراك السكان في المفاوضات حول أراضيهم، ولم تقم بأيّ اجتماع في المنطقة مع السكان المذكورين. وقال الخياطي عزالدين، رئيس جمعية شباب المشرك للتنمية بجماعة أولاد سلمان، إنه لم يتم إشراك أهالي المنطقة المعنية في أيّ مرحلة من مراحل مسطرة نزع الملكية، بغية فهم نوعية المشاريع التي سيتم إنجازها بالمنطقة المذكورة، ولا حتى مآل الساكنة بعد أن يتم ترحيلها، مشيرا إلى أن ذلك يقع في تناقض تام مع المعايير المتعلقة بالتنمية المستدامة التي حددها البنك الدولي فيما يخص ترحيل السكان. وأضاف المتحدث ذاته، أنه عوض سلك هذه المسطرة، لجأت وزارة تجهيز والنقل المشرفة عن مسطرة نزع الملكية، إلى إمضاء عقود «صلح» مع أهالي المنطقة مقابل مبالغ هزيلة لا تتعدى 100 درهم للمتر المربع، وهي عقود أشبه بما يُعرف ب»عقود إذعان». وأكدت مصادر مطلعة ل»أخبار اليوم»، أن أهالي جماعة أولاد سلمان يشتكون من الثقل الجبائي خلال مرحلة البيع حتى وإن هم قبلوا بها، وجرى اقتطاع 20 في المائة من مبلغ البيع كضريبة على الأرباح، وقالت إحدى السيدات بالمنطقة للجريدة «لا نريد بيع ترابنا لكنهم أجبرونا على ذلك»، وأشار واحد من سكان المنطقة المذكورة إلى أن جماعة أولاد سلمان بها أيضًا أراضي الجموع، غير أنهم تحولوا إلى أشخاص من ذوي الاستغلال فقط، وليسوا ملاكين. ويعيش أهالي منطقة أولاد سلمان، جنوبآسفي حوالي 9 كيلومتر، على الفلاحة والرعي وصيد المنتجات البحرية، وتضم منطقة أولاد سلمان أزيد من 16 ألف نسمة مقسمة على 3309 دوار، وفقا لإحصاء المندوبية السامية لتخطيط لسنة 2014، نصفهم من سكان النشيطين. وأعتبر مصدر حقوقي بآسفي أن هذه الإجراءات هي دعوى صريحة إلى تأزيم الأوضاع الاجتماعية والمساهمة في الهجرة القروية من المنطقة نحو المدينة، وبالتالي ستكون النتائج جد وخيمة، في حين أن التوجه العام للدولة يدعو إلى تنمية العالم القروي، بحسب وصف المتحدث. وأشار المصدر ذاته أن الحكومة اطلقت مشروع صندوق التنمية القروية الذي أحدث بموجب المادة 44 من قانون المالية لسنة 1994، بغرض المساهمة الفعالة في المحافظة على بيئة المجالات القروية وتثمين مواردها الطبيعية، وكذا المساهمة في وضع إطار مؤسساتي يعمل على ترسيخ الحكامة الترابية وتعبئة الطاقات المحلية، كاشفا أن ذلك بات مجرد ضرب من الخيال عندما يتعلق الأمر بالمنشئات الصناعية.