النص الكامل للتقرير، الذي اطلعت عليه «اليوم24»، جاء «باردا»، وموغلا في الدبلوماسية والحرص على عدم إثارة غضب أي من الطرفين، رغم أن نبرة متشائمة تطل من بين أسطره، عكس ما ذهبت إليه قصاصة وكالة الأنباء الفرنسية عن أن التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع ممكن. صحيح أن أنطونيو غوتريس أتى على عبارة من هذا القبيل في تقريره الجديد، لكنه أتبعها بخلاصة مفادها أن الثقة مفتقدة بين أطراف النزاع، وأن استعادتها تتطلّب الكثير من الوقت والعمل. طيلة أسبوع كامل، أي منذ الاثنين فاتح أبريل، احتفظت الأممالمتحدة بالتقرير الأولي لأمينها العام، أنطونيو غوتريس، الموجه إلى مجلس الأمن الدولي، محاصرا بطوق من السرية والتكتم. وضع جعل «التسريبات» الخاصة بمضامين التقرير، تقتصر على قصاصة أولى لوكالة الأنباء الفرنسية، أخفت أكثر مما كشفته مما جاء به التقرير نصف السنوي الجديد، ثم تلتها قصاصتان لكل من وكالة المغرب العربي للأنباء، وأخرى لأبواق جبهة البوليساريو الدعائية، تضمنت كل منهما الملاحظات الموجهة من كبير موظفي الأممالمتحدة إلى الطرف الآخر. وجاء النص الكامل للتقرير، الذي اطلعت عليه «اليوم24»، «باردا»، وموغلا في الدبلوماسية والحرص على عدم إثارة غضب أي من الطرفين، رغم أن نبرة متشائمة تطل من بين أسطره، عكس ما ذهبت إليه قصاصة وكالة الأنباء الفرنسية عن أن التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع ممكن. صحيح أن أنطونيو غوتريس أتى على عبارة من هذا القبيل في تقريره الجديد، لكنه أتبعها بخلاصة مفادها أن الثقة مفتقدة بين أطراف النزاع، وأن استعادتها تتطلّب الكثير من الوقت والعمل. وأكد التقرير ما كان قد تسرّب من جلسة الإحاطة السرية التي حضرها المبعوث الأممي، هورست كوهلر، بمجلس الأمن الدولي متم يناير الماضي، من دعوته إلى توفير الدعم الكافي لاستئناف إجراءات بناء الثقة، خاصة استئناف الزيارات العائلية بين أقاليم الصحراء ومخيمات تندوف توصيات ومطالب أهم ما في مثل هذه الوثائق الصادرة عن منظمة الأممالمتحدة، أي التوصيات الختامية، هي التي تضمنت ما أعلنته وكالة الأنباء الفرنسية، من دعوة غوتريس القوى الدولية إلى دعم مسار التوصل إلى حل سياسي، لأن دعم الأطراف المعنية مباشرة لا يكفي. «المشكل الرئيس في عملية البحث عن حل لهذا المشكل الذي طال أمده، هو نقص الثقة لدى كل طرف في جدية سعي الطرف الآخر إلى الانخراط في المسار. بناء هذه الثقة سيتطلب وقتا، لكن جميع الأطراف ودول الجوار، إلى جانب المجتمع الدولي، يمكنها الإسهام في المسار الذي يغذي هذه الثقة». أخطر ما يواجهه المغرب أمام مجلس الأمن من مضامين تقرير غوتريس الجديد، هو دعوة هذا الأخير السلطات المغربية إلى الكف عن الحؤول دون قيام بعثة المينورسو بلقاءات مباشرة مع من يسميهم التقرير ب«الفاعلين المحليين»، في إشارة محتملة إلى نشطاء من بينهم انفصاليو الداخل. الفقرة 78 من التقرير تقول إن «القيود المفروضة على بعثة المينورسو للوصول إلى محاورين محليين من أجل دعم عمل المبعوث الشخصي في تقديمه المشورة لمجلس الأمن الدولي، وتغذية الوعي الأمني الخاص للبعثة، تمثل حاجزا يحول دون قيامها الفعلي بمهامها وبمخططاتها الأمنية. أنا أدعو المغرب إلى سحب هذه الحواجز، والسماح بحرية الاتصالات بين البعثة وبين الفاعلين المحليين». مقابل ذلك، جدّد الأمين العام الأممي دعوة جبهة البوليساريو إلى رفع الحظر الذي فرضته في السنوات الأخيرة على اتصالاتها بالمينورسو بمقرها الرسمي بمخيم الرابوني داخل مخيمات تندوف. البوليساريو باتت ترفض منذ سنوات لقاء البعثة الأممية في الرابوني، وهو ما قال التقرير إن البعثة تقبله بشكل مؤقت، وحرصا على استمرار اتصالاتها بالطرفين، «ومع ذلك، فإنني أجدد دعوتي البوليساريو بقوة إلى إعادة العمل باللقاءات الرسمية مع قيادتها في الرابوني، وأحثها على عودة العمل بالقواعد التي جرى العمل بها فترة طويلة». لقاءات جنيف.. لا جديد غوتريس قال إن مبعوثه الشخصي، هورست كوهلر، تمكن من عقد لقاءين بين كل من المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا، وذلك في دجنبر وفبراير الماضيين بسويسرا، وهو ما يعتبر بمثابة أول لقاء مباشر بين الأطراف منذ العام 2012. وأوضح الأمين العام الأممي أن ما ميز اللقاءين هو الروح الإيجابية والأجواء البناءة التي سادتهما. وذكّر غوتريس بأنه، بناء على القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي في أكتوبر الماضي، فإن كوهلر قدم للمجلس إحاطة بتطورات الوضع يوم 29 يناير الماضي، والتي تضمنت بالخصوص تجديد التزام الطرفين ودول الجوار بمواصلة انخراطها في المسار السياسي. التقرير حرص على توضيح سبب اختيار صيغة الطاولة المستديرة لتنظيم لقاءات جنيف، موضحا أنها رمز لاستعداد الأشخاص المنقسمين في مواقفهم للتوصل إلى حلول جديدة عبر الحوار. وأوضح التقرير أن جبهة البوليساريو أصرت على الجانب القانوني، وحق الصحراويين في تقرير المصير، فيما أكد المغرب ضرورة التعاطي مع الموضوع بواقعية، والاستفادة من دروس المحاولات السابقة التي فشلت في الوصول إلى حل للنزاع. وكشف التقرير أن الأطراف أجمعت، في جلسة خاصة بالتحديات والفرص، على الكلفة الاقتصادية الكبيرة لاستمرار النزاع، والتهديدات الكبيرة التي ينطوي عليها. وتطرق أنطونيو غوتريس إلى اللقاء الذي جمعه بالملك محمد السادس في 11 دجنبر الماضي بالرباط، حيث «جدد جلالته التزام المملكة بالمسار السياسي، وأثنى على مبعوثي الشخصي لتمكنه من جمع كل من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا معا». وتضمن التقرير الأممي شكاوى جبهة البوليساريو من الاتفاقات الجديدة التي أبرمها المغرب مع الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل المناطق الجنوبية للمملكة. كما كشف غوتريس أن أبرز ما سجله مبعوثه الشخصي، في إحاطته مجلس الأمن الدولي بالمستجدات يوم 11 دجنبر، غياب الثقة بين الأطراف والحاجة الملحة إلى تعزيزها. نداء ملكي ورسالة إفريقية في الشق السياسي، حرص أنطونيو غوتريس على تسجيل النداء الذي وجهه الملك محمد السادس، في خطاب المسيرة الخضراء، إلى الجزائر بهدف تشكيل آلية للحوار المباشر، موضحا، في المقابل، أن جبهة البوليساريو أصدرت بيانا في اليوم نفسه تعتبر فيه الوجود المغربي في الصحراء غير شرعي. وقال التقرير إن المبعوث الأممي، هورست كوهلر، التقى، في نهاية أكتوبر لماضي، كلا من الرئيس الإيفواري الحسن واتارا ونظيره السنغالي ماكي سال، إلى جانب رئيس جنوب إفريقيا رامافوصا، وذلك على هامش اجتماعات مجموعة العشرين التي انعقدت في برلين الألمانية، «وكل محاوريه أكدوا الحاجة الملحة إلى حل النزاع، مؤكدين أن حلا مقبولا من الطرفين سيكون مفيدا للاتحاد الإفريقي». في المقابل، كشف التقرير رسالة بعثها رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمد موسى فقي، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يخبره فيها بتعذر اجتماع الآلية الثلاثية التي أحدثها الاتحاد الإفريقي حول الصحراء، كما كان مقررا في جدول أعمال القمة الإفريقية ليناير الماضي. وبينما لم يوضح التقرير سبب عدم اجتماع الرؤساء الأفارقة المكلفين بتتبع ملف الصحراء، قال إن فقي أوضح أن العمل مستمر من أجل عقد أول اجتماع لهذه الآلية. وفي تقييمه الوضع داخل الصحراء خلال فترة الشهور الستة الماضية، قال غوتريس إنه كان هادئا نسبيا، «واتفاق وقف إطلاق النار، ورغم بعض الخروقات التي وقعت، متواصل من الطرفين تحت إشراف بعثة المينورسو، ووفقا للاتفاق العسكري رقم 1». غوتريس عاد ليوضح أن الطرفين لا يبديان دائما الاستعداد اللازم لحل بعض الإشكالات الناجمة عن الخروقات التي ترصدها بعثة المينورسو، «كل من المغرب والبوليساريو حاولا تبرير خروقاتهما للاتفاق العسكري رقم 1، باعتبارها ضرورية لمحاربة الاتجار في المخدرات وأنشطة إجرامية أخرى، رغم أن الاتفاق العسكري لا يخولهما استعمال الوسائل والتجهيزات العسكرية». احتجاجات في تندوف وبعد التحذير المباشر الذي وجهه الأمين العام، ومعه مجلس الأمن الدولي إلى جبهة البوليساريو من مغبة العودة إلى اختراق المنطقة العازلة قرب معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا، قال التقرير الأممي إن ما تسميه الجبهة بقوات الدرك التابعة لها لم تعد إلى المنطقة خلال الفترة التي يشملها التقرير، فيما واصلت بعثة المينورسو تسيير دوريات لمراقبة المنطقة. وتحدث التقرير عن تلقي البعثة الأممية رسائل مغربية تحذر من احتمال لجوء المملكة إلى القوة العسكرية ضد عمليات عرقلة حركة السير عبر معبر الكركرات، والتي تسببت فيها احتجاجات مدنيين، وأن الأمين العام لجبهة البوليساريو كتب معترضا على هذه التحذيرات، لكن المنطقة لم تعرف أي اضطراب في نهاية الأمر. التقرير الأولي للأمين العام للأمم المتحدة قال إن عددا من المظاهرات الاحتجاجية شهدتها مخيمات تندوف الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو، «من بينها مظاهرة وقعت يوم 7 فبراير، حين تجمّع حوالي مائة محتج أمام مقر وكالة الأممالمتحدة السامية للاجئين بالرابوني»، والواقع مقرها بالقرب من «رئاسة» ما يسمى ب«الجمهورية العربية الصحراوية». المحتجون كانوا يطالبون بمعطيات حول المفقود خليل أحمد، المستشار السابق للراحل محمد عبد العزيز، والذي اختفى في الجزائر منذ 2009. احتجاج آخر وقع بالموقع نفسه في 10 فبراير» وذلك ضد القيود المفروضة على استيراد السيارات من أوروبا». خروقات وخروقات بخصوص مراقبة الوضع الميداني، عاد التقرير الجديد لغوتريس إلى موضوع الجدار الذي قال، في تقريره لشهر أكتوبر الماضي، إن المغرب بناه قرب المحبس، ما اعتبره الأمين العام الأممي خرقا للاتفاق العسكري. التقرير قال إنه، بعد إبداء المينورسو ملاحظاتها، توقفت الأشغال في هذا الجدار، كما سحبت نقط المراقبة العسكرية التي كان المغرب يقيمها على طوله، «لكن الجدار مازال عمليا، ويتوفر على أربع بوابات كل منها محروسة بأربعة عناصر غير مسلحة، فيما نبهت المينورسو إلى أن مثل هذا الجدار يعتبر خرقا للاتفاق العسكري رقم 1، وهو ما تستمر القوات المسلحة الملكية في المجادلة بشأن صحته». عملية تعزيز أخرى للتجهيزات العسكرية المغربية قال التقرير إنه رصدها في أوسرد. عملية تفتيش قامت بها عناصر المينورسو لهذه الأشغال في 2 فبراير الماضي، كشفت بناء جدار رملي حديد مواز للجدار القائم، وذلك على طول نحو 30 كيلومترا، وعلى بعد 15 مترا من الجدار القديم، ويمتد الجدار الجديد على علو 3 أمتار وعرض 6 أمتار. تطورات قال التقرير إن البعثة الأممية خلصت إلى إعلانها خروقات من جانب المغرب يوم 20 فبراير الماضي، فيما تؤكد القوات المسلحة الملكية أن الجدار الجديد ضروري لحماية نظيره القديم من السيول والرياح، والحد من تحركات المهربين. كما سجلت البعثة الأممية إقامة العشرات من نقط المراقبة العسكرية الجديدة من لدن القوات المغربية. القائد العسكري للمينورسو طرح كل هذه الملاحظات مع الجنرال بلخير فاروق، قائد المنطقة الجنوبية، إلا أن هذا الأخير أكد أن الأمر لا يتعلق بتحركات لها أهداف عسكرية تكتيكية، وأنها موجهة فقط لمحاربة الاتجار في المخدرات والأنشطة الإجرامية. مناورات للبوليساريو في المقابل، سجل التقرير الجديد للأمين العام للأمم المتحدة قيام جبهة البوليساريو بتحركات جديدة لعناصر المسلحة، حيث تموقعت عناصر تتراوح بين عنصرين وستة عناصر داخل خيمتين بالقرب من المنطقة العازلة جوار الكركرات، ما دفع المينورسو إلى الاحتفاظ بدوريات مراقبة في المنطقة خشية وقوع اختراق جديد من جانب البوليساريو. وسجل التقرير أيضا قيام جبهة البوليساريو بمناورات عسكرية بمنطقة المهيرس، وذلك بعد إخبار المينورسو بشكل مسبق وحضور مراقبيها تلك المناورات، والذين خلصوا إلى عدم حدوث خروقات للاتفاق العسكري بمناسبة تلك المناورات. وسجلت الأممالمتحدة قيام البوليساريو بشكل دائم بإقامة بنايات جديدة شرق الجدار الرملي، «إحداها كانت بالقرب من بير لحلو، وجرى إعلانها خرقا للاتفاق العسكري، وأدرجت ضمن لائحة الخروقات طويلة الأمد. كما سجلت البعثة إقامة 8 بنايات جديدة بالقرب من المهيرس، وأضيفت إلى لائحة الخروقات يوم 3 أكتوبر الماضي. وسجل التقرير، في المقابل، امتناع البوليساريو عن إقامة مركز المراقبة الجديد في بير لحلو، والذي كانت الجبهة قد طلبت تمكينها منه سنة 2018. وكشف التقرير أن صور الأقمار الاصطناعية التي بات المغرب يحصل عليها بواسطة أقماره الجديدة، مكنت البعثة من رصد خروقات إضافية لتلك التي سجلتها دورياتها، وذلك من جانب البوليساريو. وفي مقابل 6 حالات تقييد لحرية تحرك عناصرها من جانب البوليساريو، سجلت المينورسو خمس حالات مماثلة من جانب المغرب.