أصبح تأخر الحكومة المغربية في المصادقة على اتفاق الصيد البحري الجديد الموقع بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يثير قلق الصيادين الإسبان، خوفا من أن يستمر الوضع كما عليه الآن إلى ما بعد الصيف المقبل، لاسيما وأن الاتفاق الجديد يجب أن يحصل على الضوء الأخضر من قبل المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك محمد السادس، قبل عرضه أمام البرلمان بغرفتيه للمصادقة عليه. كما أن الحكومة الإسبانية التي كانت تضغط بقوة على البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية للمصادقة على الاتفاق الجديد، وهو الأمر الذي تم يومي 16 يناير و12 فبراير الماضيين على التوالي، من أجل الاستجابة لمطالب الصيادين الإسبان؛ أصبحت هي الأخرى تتمنى مصادقة المغرب على الاتفاق قبل الصيف المقبل، لكن في حالة مصادقة المجلس الوزاري والبرلمان على الاتفاق الجديد ودخوله حيز التنفيذ قبل 28 أبريل المقبل، موعد إجراء الانتخابات التشريعية الإسبانية السابقة لأوانها، فسيكون بمثابة هدية مغربية للحزب الاشتراكي الحاكم والمرشح بقوة للفوز بالانتخابات المقبلة. في هذا الصدد، أوضح فرانسيسكو فريري، رئيس الجمعية الوطنية لقوارب الرخويات الرأسقدميات بإسبانيا قائلا: “نحن مهتمون جدا ونتطلع إلى دخول اتفاق الصيد الجديد حيز التنفيذ لكي نخرج للصيد في المياه المغربية، لأن الصيد في مياه غينيا بيساو توقف”. ويعيش الصيادون الإسبان في أزمة بسبب ما يسمونه “بطء إجراءات إدخال الاتفاق حيز التنفيذ مع الرباط”، كما أن اتفاق الصيد الموقع بين غينيا بيساو والاتحاد الأوروبي موقوف التنفيذ عمليا، رغم توقيع اتفاق جديد في 2018 بعدما انتهى العمل بالاتفاق الأول في نونبر 2017. صحيفة “صوت غاليسيا” المقربة من صيادي غاليسيا الذين ينشطون بشكل كبير أشارت إلى أن الاتفاق الحالي الموقع مع المغرب لم يرق إلى كل تطلعات الصيادين الإسبان، نظرا إلى أنه ينص على بعض الإجراءات التقنية التي لن تحسن من أرباح الصيد في المياه المغربية، لهذا يعول المهنيون الإسبان على اللجان المشتركة المغربية والأوروبية التي تواكب مراقبة تطور الاتفاق لإدخال بعض التعديلات عليه. بدورها، ترى النائبة الأوروبية وعضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، إيلينا فالنسيانو، أن اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري المبرمتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تشكلان أداتين من شأنهما “تعزيز العلاقة الاستراتيجية الثنائية المهمة جدا”. وأضافت أن “المغرب بلد أساسي للعلاقات متعددة الأبعاد بالنسبة للاتحاد الأوروبي”. وأردفت أن “هذا التحالف بين الاتحاد الأوروبي والمغرب سيعود بفائدة كبيرة على المغاربة والأوروبيين” على حد سواء، معربة عن استعدادها للعمل من أجل مواصلة هذا التحالف. ويكتسي الاتفاق الجديد أهمية كبيرة بالنسبة للحكومة الإسبانية والصيادين الإسبان، لأنه يسمح ل92 سفينة إسبانية من أصل 128 سفينة أوروبية، بالصيد في المياه المغربية؛ مما يجعله مصدر رزق للآلاف من الأسر الإسبانية؛ وورقة مهمة في كل الحملات الانتخابية، ويخول الاتفاق ل22 سفينة صيد إسبانية استخدام شباك الجرافة المحوطة لصيد الأسماك في مياه شمال المملكة، و25 سفينة الصيد بالخيوط الصنارية الطويلة بشكل تقليدي في الشمال كذلك، و10 قوارب الصيد بطريقة تقليدية في المياه الجنوبية للمملكة، و12 سفينة صيد أسماك القاع، و23 سفينة صيد بالقصبة. ويسمح الاتفاق الجديد، كذلك، للأوربيين بالرفع من كميات الأسماك المصطادة في المياه المغربية، إذ يرخص لهم بصيد 100 ألف طن سنويا من أسماك السطح الصغيرة بدل 85 ألف طن المنصوص عليها في الاتفاق السابق. وبشكل دقيق، فإن السفن الأوربية مجبرة في ال12 شهرا الأولى منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، على اصطياد 85 ألف طن فقط من الأسماك، على أن ترتفع الكمية إلى 90 ألف طن في السنة الثانية، لتصل إلى 100 ألف في السنة الثالثة، وهي نفس الكمية في السنة الرابعة؛ أي أن الأوربيين سيخرجون 375 ألف طن من الأسماك من المياه المغربية في ظرف أربع سنوات مقابل 208 مليون أورو.