لم يعد بإمكان حزب الأصالة والمعاصرة إخفاء الصراع الدائر بين قادته البارزين. العربي المحرشي، رئيس هيئة منتخبي الحزب، يقوم بكل شيء كي يظهر عدم رضاه، وأيضا، عدم قبوله بالاتفاقات التي قادت إليها عملية الصلح في شهر يناير الفائت، وهدفه الرئيس هو إضعاف موقع محمد الحموتي، رئيس المجلس الفيدرالي. التركيبة الثنائية التي تقود الحزب في الوقت الحالي، تجعل من الصعب حدوث توافق في وجود كلا الرجلين. وبحسب عضو بالمكتب الفيدرالي، فإن المحرشي يواصل محاولاته لإعاقة عمل رئيس المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة الذي تم تعيينه في هذا المنصب، في إطار صفقة الصلح التي حصلت بين تيار أحمد اخشيشن المسنود بأغلبية أعضاء المكتب الفيدرالي للحزب والمنسقين الجهويين ورؤساء الجماعات وبرلمانيي الحزب، وبين تيار حكيم بنشماش الذي على ما يبدو، تدعمه أغلبية أعضاء المكتب السياسي وبعض أعضاء المكتب الفيدرالي الذين عينهم بنفسه ومعظمهم شغل وظائف في مجلس المستشارين الذي يرأسه. هذه التركيبة تحمل في طياتها “بعض عوامل الانفجار”، وفق عبارة مصدر “أخبار اليوم”، ولذلك ليس غريبا أن يقاطع المحرشي، اللقاءين اللذين نظمهما حزب الأصالة والمعاصرة، نهاية الأسبوع الفائت، بالرباط والدار البيضاء، واللذين ترأسهما كل من بنشماش والحموتي، واللذان خصصا لتسويق مخرجات اتفاق الصلح. ويلوم قياديون بالحزب المحرشي ومعه آخرون كحسن التايقي، الذي يشغل وظيفة بمجلس المستشارين، وفريد أمغار وعبدالمطلب اعميار، بدفع عدد من منتخبي الحزب على عدم الحضور إلى اللقاءين المذكورين، لكن رغم ذلك، نجح التيار الآخر في ضمان الحضور اللازم. و”هذه معركة خفية جرت بين التيارين دون أن يلاحظ الكثيرون وقوعها”، كما يقول عضو بالمكتب السياسي. وبدلا عن ذلك، كان المحرشي موجودا نهاية الأسبوع في لقاء للجنة التحضيرية للمؤتمر الإقليمي لحزبه بمكناس، “رغم كونه لا يمتلك صفة تنظيمية لحضوره”، كما يشدد مصدر من المكتب الفديرالي. خطوة كهذه رأى فيها العديدون داخل الحزب “إعلانا استفزازيا” من لدن المحرشي ضد الحموتي، لأن هذا الأخير هو من يملك صلاحية الإشراف على مثل هذه التحضيرات، أو ينوب عنه من يعينه لهذا الغرض. المحرشي كان في تلك المنطقة نهاية الأسبوع بمعية أمغار مشاركا في حملة انتخابات جزئية، وجعلها مدخلا للمشاركة في لقاء تنظيمي محض. المعركة التي يخوضها المحرشي ضد “صلح يناير” ستجر عليه متاعب إضافية، وهذه المرة داخل بيته، أي هيئة منتخبي حزب الأصالة والمعاصرة نفسها. فقد علمت “أخبار اليوم” أن رسالة موقعة من طرف عدد من رؤساء الهيئات الجهوية والإقليمية لمنتخبي الحزب، وجهت إلى المكتب السياسي والمجلس الوطني، تحمل انتقادات كبيرة ضد المحرشي. أول ما يُعاب على المحرشي هو “تسييره الانفرادي لهيئة المنتخبين، دون عقد أي اجتماعات لمكتبها، ودون أن يتكلف عناء الاستشارة بأي من الهيئات الجهوية للحزب”، كما تقول الوثيقة. المحرشي، الذي يعول على سلطته بوصفه رئيسا لهيئة منتخبي الحزب، لشن “حربه” على مخرجات صلح يناير، قد يجد نفسه في مواجهة تمرد داخلي، خصوصا من رؤساء فروع الهيئة الوطنية للمنتخبين في الجهات، الذين ينتقدون “حالة الجمود التنظيمي للهيئة”، ناهيك عن قطع الدعم المادي عن الفروع الجهوية للهيئة. الصراع القائم لا يُعرف كيف ستكون نهايته، لكن من الواضح بحسب المعلومات المتسربة، أن حروب الإنهاك الجارية في حزب الأصالة والمعاصرة ليست في طريقها إلى الخمود. وإذا كان العربي المحرشي هدفا رئيسا للحملات الحالية، فإن الشكوك تزيد بخصوص مآل الاتفاقات التي أبرمت في شهر يناير الفائت، وقُدمت دليلا على إنهاء حرب داخلية، والشروع في بناء التنظيم الحزبي، خصوصا وأن الحزب يعاني من الضربات الشديدة لمن كان حليفه أمسا، أي حزب التجمع الوطني للأحرار. أعضاء بالمكتب الفيدرالي يؤكدون أن “إعادة البناء” مستمرة رغم كل ما يحدث الآن، وسيواصل الحزب لقاءاته التواصلية قريبا بكل من مراكش وأكادير، وهما منطقتان تعدان “معقلان أساسيان لتيار اخشيشن. وستكونان، وفق عبارة مصدر “أخبار اليوم”، محطة اختبار لقوة هذا التيار.