دعا المشاركون في المؤتمر الدولي الثاني لدراسات الوسطية، إلى ضرورة التحرر من أخطاء التراث وأباطيله، لأنه أمر ليس بالسهل أو اليسير، مشددين على أن هذا التراث الإسلامي اختلطت به، بتوالي العهود، الكثير من الأهواء المذهبية، العصبيات العرقية، والمصالح السياسية الضيقة بمعارفه وعلومه الدينية وغير الدينية. وأكد المشاركون في المؤتمر الدولي حول الوسطية في جلسة الافتتاح صباح أمس الأربعاء بالبيضاء، التي حضرها مروان الفاعوري، الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية، وأحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أنه من الخطأ تجاهل ما خلفه السابقون من علوم ومن فنون ومعارف وآداب، بحجة أن الزمن تجاوزها، وأنها لا تصلح بعدهم لشيء. وأوضح المشاركون أن تراث الأقدمين فيه من الثروات ما لو تم التفريط فيها لانعدمت شروط التراكم المعرفي الضروري لكل تجديد وتطوير. من جانبه، شدد أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الحديث عن الماضي في القرآن الكريم، هو توجيه للمستقبل، وأحاديثه جسر الماضي للمستقبل، مؤكدا على أن المسلمين وفِي مقدمتهم العلماء، أن يفكروا كيف يجعلوا من التراث الإسلامي، زادا للمستقبل، مشيدا في هذا الإطار بالدور العلمي للعلامة يوسف القرضاوي، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، واصفا إياه بأكبر المنظرين للوسطية، من خلال تأليفه لأزيد من 200 مؤلف، أثبت من خلالها المفهوم الحقيقي للوسطية في مجالات علمية متنوعة، تحدث فيها عن الفن والمرأة والسياسة والجهاد.. وفي السياق ذاته، دعا مؤسس المنتدى العالمي للوسطية المهندس مروان الفاعوري، أبناء الإسلام أن يزكوا عقولهم ويشحذوا إراداتهم، وأن يكون العلم السديد والإخلاص وسيلتهم لذلك، بعيدا عن التدنيس والتقديس للتراث. من جانبه، قال عبدالفتاح فهدي، رئيس مؤسسة المهدي بن عبود، إنه من المهم توجيه المستقبل الذي نبنيه بأشكال متضاربة ومتصارعة، بالاهتمام بالتراث الإسلامي الذي له مكانة في النهضة المعاصرة. وأضاف فهدي، “ورثنا التراث العظيم ولَم نستطع أن نجمعه ونقول هذا تراثنا مجتمعا”، موضحا أن الاهتمام بالتراث، هو العمل العلمي الجبار الذي ينبغي فعله، داعيا إلى جمع التراث الإسلامي وتصنيفه وتصويبه، والتدقيق فيه وتحقيقه علميا، ونقده ووضع اتجاهات لهذا النقد العلمي. وأشار رئيس مؤسسة المهدي بنعبود، أنه بالموازاة مع التعامل مع التراث، هناك تطرف في الاتجاهات المختلفة الذي يجب أن يزول، ويجب أن ينضبط العالم للوسطية، مع الحق دون أن يكون له عقدة نقص أو تكبر، مشيرا في هذا الصدد، أن الذي يفكر في التراث يحاول أن يربط بين ماضيه وحاضره ومستقبله، وهو الأمر الذي يحتاج فيه المسلمون إلى رؤى ناضجة بعيدا عن الإيديولوجيات، مشددا على أن كلمة العلماء ستكون حاسمة وموجهة للاهتمام بالتراث وتصويبه في إطار الفكر الوسطي. هذا، ومن المنتظر أن يناقش المؤتمرون في لقاء منتدى الوسطية العالمي، التراث ومفهومه وقضاياه، والموقف من التراث بين دعوات القطيعة ونزعات التقديس، والتراث الإسلامي وأسئلة التجديد.