تدخل الأطر الصحية بمستشفى “سْعادة” للأمراض العقلية، ابتداءً من يومه الخميس، في اعتصام مفتوح بمقر المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بمراكش، بقرار من المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية بجهة مراكش- آسفي، احتجاجا ضد “ظروف العمل المتردية بالمؤسسة الصحية الواقعة بالمجال الترابي لجماعة “سْعادة” بضواحي المدينة”. بلاغ صدر عن المكتب النقابي، المنضوي تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل، أول أمس الثلاثاء، أوضح دواعي الاحتجاج الأخير، مشيرا إلى شغور منصب المدير بالمستشفى، منذ أكثر من سنتين، وغياب تقنيين في التغذية وحفظ الصحة، والنقص الحاد في عدد الأطباء والممرضين، ناهيك عن عدم توفره على سائق لسيارة الإسعاف. وسجل البلاغ “عدم توفر المعدات من طرف الشركة المكلفة بالتغذية، والنقص الحاد في عدد العاملين بها، إضافة إلى رداءة الخدمات والوجبات التي تقدمها للمرضى والأطر الصحية”، وهو ما جعل النقابة تطرح أكثر من علامة استفهام حول الصفقات المبرمة مع الشركة المذكورة. البنيات التحتية للمستشفى ليست أحسن حالا، فقد لفتت النقابة إلى “انعدام الإنارة بين مصالح ومرافق المستشفى ليلا، والتسربات المائية المستمرة من السطوح التي تهدد سلامة البنايات”، التي أصبحت آيلة للسقوط في أي وقت. وطالب المكتب الجهوي “بإصلاح الشقوق والتصدعات التي تعاني منها مختلف المصالح”، والتي تتسرب منها مياه الأمطار، ما ينذر باحتمال حصول تماس كهربائي، قد يعرّض حياة المرضى والموظفين للخطر. كما شدد على ضرورة توفير غرف العزل ووسائل التثبيت بالنسبة للمرضى الذين يشكلون خطرا على سلامتهم وعلى سلامة الغير، وكذا توفير شروط السلامة بالنسبة للممرضات والممرضين الذين يرافقون المرضى أثناء نقلهم لمؤسسات صحية أخرى. وحمّلت النقابة المديرة الجهوية للصحة والمندوب الإقليمي مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع ، بسبب المشاكل التي يعاني منها المستشفى، والتي استدلت عليها برداءة الوجبات الغذائية المقدمة للمرضى والموظفين، وتردي البنيات التحتية، ناهيك عن عدم توفر التجهيزات ووسائل العمل، والنقص الحاصل في أعداد الأطباء والممرضين. واستنادا إلى مصدر نقابي، فإن المستشفى الجهوي لطب الأمراض العقلية بالجماعة القروية “سْعادة”، الذي أنجزته مؤسسة “محمد الخامس للتضامن” بتكلفة مالية بلغت 22 مليون درهم (ملياران و200 مليون سنتيم)، وكان الملك محمد السادس دشّنه، بتاريخ الاثنين 7 شتنبر من سنة 2009، يعاني، حاليا، ترديا على مستوى التجهيزات ووسائل العمل، مشيرا إلى انعدام الوسائل العلاجية الخاصة بالنزلاء في حالة هيجان، موضحا بأن غرف العزل بهذه المؤسسة لا تتوفر بها الأسرة المزودة بأحزمة طبية خاصة بمثل هذه النوعية من المرضى، الذين يشكلون خطرا على أنفسهم وعلى الأطباء والممرضين وباقي النزلاء، مضيفا بأن غرف العزل لم يتم تشييدها وفق المعايير الصحية اللازمة، ولا تتوفر سوى على أفرشة موضوع مباشرة على الأرض بدون حتى إطارات الأسرة الحديدية. مصدرنا كشف عن معطيات أخرى لم ترد في البلاغ، موضحا بأن نحو 160 مريضا بالمستشفى، بينهم 80 نزيلا سابقا بمحيط ضريح “بويا عمر” الذين جرى نقلهم، منذ حوالي ثلاث سنوات، للمستشفى في إطار مبادرة “كرامة”، يعيشون بلا كرامة، في وضعية أشبه بالاحتجاز داخل أربعة أجنحة، لافتا إلى أنهم يعانون من سوء التغذية، إذ أن وجبة الغذاء الرئيسة لا تتكون، في أحسن الأحوال، سوى من قطعة صغيرة من الدجاج ونصف خبزة من النوع المعروف ب”الكومير” وموزة واحدة، فيما يتكون الفطور من كأس حليب وجبنة وربع خبزة، ووجبة العشاء من حساء وربع خبزة. وأكد المصدر نفسه بأن العديد من المكاتب النقابية المحلية سبق لها أن راسلت المديرية الجهوية لوزارة الصحة حول “عدم احترام المعايير الواردة في دفتر التحملات، الخاصة بصفقة التغذية، من طرف الشركة الفائزة بها”، في إطار نظام المناولة، الذي أصبحت تعتمده وزارة الصحة منذ مدة ليست بالقصيرة، غير أنه قال إن المراسلات النقابية لم تثمر أية تدخلات تذكر.