أصدرت المحكمة الدستورية، أخيرا، قرارها بشأن قانون التنظيم القضائي، بعدما أحالته عليها الحكومة للبت في مدى دستورية عدد من التعديلات التي أدخلها مجلس المستشارين عليه. واعتبرت المحكمة أن العديد من مواد القانون «غير دستورية»، أبرزها ما يتعلق بالإدارة القضائية، وتعيين المسؤولين القضائيين بعيدا عن سلطة المجلس الأعلى للسلطة القضائية. فبخصوص الكاتب العام للمحكمة، الذي يعد رئيسا تسلسليا لموظفي كتابة الضبط، اعتبرت المحكمة أن قواعد النجاعة والحكامة تقتضي إشراف المسؤولين القضائيين على المجالين الإداري والمالي للإدارة القضائية، ما سيمكنهم من إيلاء عناية أكبر لمهامهم القضائية. لكن المحكمة لاحظت أن الكاتب العام للمحكمة يُعين من بين أطر كتابة الضبط، ويمكنه أن يُباشر مهام كتابة الضبط، وهو بهذه الصفة أيضا موضوع تحت سلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل، وهذا يجعل من أحد أعضاء كتابة الضبط، في أدائه عملا ذا طبيعة قضائية، موضوعا تحت سلطة ومراقبة السلطة التنفيذية، وليس السلطة القضائية، «ما يشكل مسا باستقلال السلطة القضائية وانتهاكا لمبدأ فصل السلط». وبخصوص علاقة العمل القضائي للنيابة العامة بعمل كتابة الضبط، من حيث تدبير الشكايات الواردة عليها وتحرير محاضرها، وتنفيذ الأوامر الصادرة عنها، اعتبرت المحكمة أنه عمل يقتضي، من جهة، مراعاة طبيعة عمل كتابة الضبط لدى النيابة العامة، والمستمدة من خصوصية عمل هذه الأخيرة، ومن جهة أخرى، تبعية موظفي النيابة العامة للمسؤولين القضائيين، طبقا للمادة 110 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالتالي، «يكون عدم مراعاة طبيعة عمل كتابة النيابة العامة، في تنظيم كتابة الضبط في هيئة واحدة، مخالفا للدستور».