لا يتعدى طوله ثلاثة سنتيمترات إلا أنه كلف العلماء مسارا طويلا من البحث العلمي قبل أن ينهي اكتشاف حديث لمستحاثات كائن بحري يدعى “ستيلوفوريس” بالجنوب الشرقي المغربي جدلا علميا استمر طوال 150 سنة. واستطاع فريق بحثي يضم علماء مغاربة وأجانب تحديد المجموعة التي ينتمي إليها “ستيلوفوريس” موضحين أنه من اللافقاريات وتحديدا من فرع “القنفذيات البحرية”، رافعين بذلك أي لبس علمي كان يعتبر الكائن المنقرض من مجموعة الفقاريات. وكان عدم العثور على مستحاثة محفوظة بشكل جيد على مستوى الطبقات الرسوبية طوال قرن ونصف قرن قد زاد حيرة العلماء، إلا أن إيجاد بقايا أنسجة لينة من هذا الحيوان الذي عاش على مستوى البحار قبل خمسمئة مليون عام لأول مرة في العالم بالجنوب الشرقي للمغرب فتح عيون الجيولوجيين على حقائق علمية جديدة. “ستيلوفوريس”.. سلف قنافذ البحر وبهذا الصدد، تقول الدكتورة في جامعة القاضي عياض بمراكش خديجة الحريري للجزيرة نت إنه على بعد 18 كيلومترا من مدينة زاكورة خيم فريق بحث يضم علماء وطلبة باحثين طوال ثلاثين يوما عكفوا خلالها على اكتشاف حفريات متعددة ومتنوعة “محفوظة بطريقة مثالية واستثنائية”، من ضمنها مستحاث الكائن البحري الذي يتراوح حجمه بين نصف سنتيمتر وثلاثة سنتيمترات. وأوضحت العالمة المغربية -التي كانت ضمن فريق البحث- أن الأبحاث العلمية المتطورة مكنت من إنهاء حيرة العلماء بخصوص الامتداد في جسد ” ستيلوفوريس” الذي كان يُظن لعقود طويلة أنه ذيل يضم عظاما وبالتالي انتماؤه لمجموعة الفقاريات. وخضعت هذه الأنسجة اللينة للكائن البحري الذي عثر عليه في منطقة فزواطة لأبحاث متطورة مكثفة أكدت أن الذيل ما هو إلا ذراع ذو جلد شوكي استخدمه الحيوان في التغذية ليتم اعتباره رسميا من فرع “شوكيات الجلد”. ويمكّن هذا الاكتشاف الجديد من تحديد أسلاف الكائنات البحرية التي كانت تعيش في منطقة الأطلس الصغير المغربي التي كانت تغمرها البحار منذ ملايين السنين، في حين ترى الحريري أن من شأن المعطيات الجديدة تحديد بدايات الكائنات البحرية الحالية وفهم نشأتها الأولى. المغرب.. جنة الجيولوجيين ليس من السهل ملاحظة هذا الكائن البحري والعثور عليه محفوظا في الطبقات الرسوبية بطريقة جيدة، إلا أن موقع فزواطة شكل الاستثناء على المستوى العالمي، وفق تعبير عضو الفريق البحثي المكتشف. هذا الكم من المعطيات العلمية جعل مجموعة من العلماء والباحثين في الكلية التابعة لجامعة القاضي عياض يبذلون جهودهم لتصنيف فزواطة موقعا تراثيا وطنيا في أفق اعتبارها موقعا جيولوجيا عالميا لليونيسكو. وترى الحريري أن هذا الموقع الجيولوجي هو الوحيد على المستوى العالمي الذي مكن من إيجاد حلقة غائبة عبر العصور الجيولوجية، ما يؤهله لأن يكون قبلة علمية عالمية. منطقة زاكورة -التي تشهد حركة مكثفة لتجار الحفريات ممن يجعلون من بيعها مصدرا لقوتهم اليومي دون أدنى دراية بقيمتها العلمية العالية- تحتاج إلى إطار قانوني عاجل -وفق تقديرات المتحدثة للجزيرة نت- من أجل الحفاظ على الموروث الجيولوجي المغربي. ماجدة آيت الكتاوي عن موقع الجزيرة