بعد إرجاء تظاهرة سابقة لإفساح المجال أمام فتح بحث إداري، وتقديم اعتذار للأسرة الإعلامية، نظم المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بجهة مراكش- آسفي، وقفة احتجاجية، صباح أمس الاثنين، أمام مقر ولاية الجهة، تنديدا باقتحام عوني سلطة لاستوديوهات الإذاعة الجهوية أثناء البث المباشر لبرنامج سهرة الأسبوع، ليلة السبت 26 يناير الجاري، تحت ذريعة التأكد من هوية المشاركين وضيوف الحلقة، وهو ما أربك سير البرنامج وخلق فوضى عامة بلغت أصداؤها مسامع الجمهور على الأثير مباشرة. تنظيم الوقفة الاحتجاجية جاء بعد أن تلقى المكتب النقابي اتصالات من مسؤولين بارزين بالإدارة الترابية تبرّر، في مجملها، ما أقدم عليه عونا السلطة، وتؤكد على أنه ليس هناك ما يستوجب الاعتذار، دون أن يتم التفاعل مع مطلبي فتح تحقيق إداري معمق ينتهي بترتيب الجزاءات في حق كل من ثبتت مسؤوليته في الاقتحام، مع تقديم اعتذار للجسم الإعلامي، ممثلا في المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بمراكش. الوقفة الاحتجاجية، التي انطلقت في حدود الساعة 11 من صباح أمس، ألقى خلالها نائب رئيس الفرع الجهوي للنقابة، الصحافي عزيز باطراح، كلمة حمّل فيها والي الجهة، كريم قاسي لحلو، مسؤولية عدم التفاعل مع مطلب التحقيق في واقعة الاقتحام، الذي قال إنه يعيد عقارب الساعة المغربية إلى أزمنة بائدة غير مأسوف عليها، حين كانت وزارة الداخلية وأعوانها يقتحمون مقرات المؤسسات الإعلامية الوطنية الجادة. وأوضح باطراح، خلال الوقفة التي حضرها ممثلون لهيئات سياسية وحقوقية ونقابية، بأن النقابة حاولت تغليب صوت العقل والحكمة بأن أرجأت الوقفة الاحتجاجية، التي كان مقررا تنظيمها صباح يوم الأربعاء المنصرم، غير أنه اعتبر بأن الطريقة التي تعامل بها والي الجهة مع مطالب النقابة أهانت الأسرة الإعلامية بطريقة لم يسبق لأي مسؤول سابق في الإدارة الترابية أن تعامل بها مع الجسم الصحافي، موضحا بأن المكتب الجهوي تلقى اتصالين من رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية يطلب فيهما إلغاء تنظيم الوقفة على أساس تنظيم لقاء للمكتب مع الوالي، وهو ما ردت عليه النقابة بأن اللقاء مع الوالي ليس مطلبا في حد ذاته، وإن كانت منفتحة على لقائه، مذكرّة إيّاه بمطلبي فتح تحقيق إداري وتقديم الاعتذار، وخلصت إلى أنه ما دامت السلطة لم تلب المطلبين، فإن الإهانة التي تعرض لها الجسم الإعلامي تظل قائمة، ويبقى معها الالتزام بتنظيم الوقفة ساريا. وسبق للنقابة أن أصدرت بيانا استنكرت فيه الاقتحام واصفة إياه ب”الهجوم غير المسبوق على مؤسسة رسمية وطنية تقدم خدمة جليلة للمواطن في المعلومة والتثقيف والترفيه”، ومحمّلة السلطات المحلية والولائية المسؤولية فيما جرى، معتبرة ذلك وصمة عار على جبينها، ومطالبة إياها باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد عوني السلطة، اللذين اقتحما حرمة مؤسسة إعلامية محترمة. كما أصدر فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بيانا وصف فيه الحادث ب”السلوك الأرعن الذي ينم عن هوس بالضبط والمراقبة وخنق أنفاس مختلف الفاعلين، بمن فيهم نساء ورجال الصحافة، وكل الأماكن المخصصة للحوار والتداول وإبداء الرأي وحتى الفرجة والترفيه”، واعتبرت اقتحام الإذاعة “بلطجة وتشويشا (…) وتغولا لرجال السلطة وأعوانها، الذين يتصرفون بسطوة تحت أعين رؤسائهم”، محذرا مما وصفه ب”الهوس الأمني والرقابي ومسّه بحرية التفكير والتعبير والرأي والحق في التمتع بالفن والولوج لوسائل الإعلام العمومية”، ومطالبا ب”فتح تحقيق لترتيب الجزاءات القانونية والإدارية اللازمة، ووضع حد لأساليب الشطط والتضييق والضبط غير المبرر، التي تستهدف الحد من الحريات وتقييدها خارج مجال القانون والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان”.