قالت الحقوقية ربيعة البوزيدي، إن الحكم على بوعشرين جائر بامتياز ويغتال الحقوق والحريات في بلادنا. كيف تعرفت إلى توفيق بوعشرين؟ بداية، كل التضامن مع الصحفي توفيق بوعشرين لما تعرضت له قضيته من خروقات عديدة مست مبادئ وشروط المحاكمة العادلة، وتحية تقدير للساهرين والساهرات على استمرار إصدار جريدة «أخبار اليوم». تندرج معرفتي بالصحافي توفيق بوعشرين في ثلاثة سياقات مختلفة ومرتبطة في ما بينها. السياق الأول يتجسد في قراءتي لمقالاته حين كان يشتغل رئيس تحرير الجريدة اليومية «المساء»، وحين أصبح مديرا لجريدة «أخبار اليوم». السياق الثاني، معرفة مباشرة حين كان يشارك بمداخلاته في ندوات حول القضايا المطروحة في المشهد الإعلامي والسياسي. السياق الثالث، معرفة نضالية بامتياز وترتبط أساسا بالمبادرات التضامنية المتعلقة بقضايا التضييق والقمع الممنهجين على حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير، من خلال عمل اللجنة الوطنية من أجل الحرية للصحافي علي أنوزلا، ولجنة دعم الصحافي علي المرابط، وتأسيس جمعية «الحرية الآن»، حيث اشتغلت معه في المكتب التنفيذي للجمعية. كما لمست عمقه الإنساني من خلال وقوفه إلى جانب الصديق أحمد ابن الصديق خلال وعكته الصحية. كيف تجدين تجربته الصحفية؟ الصحافي توفيق بوعشرين يعتبر من المساهمين في تأسيس ما يعرف ب»الصحافة المستقلة» بالمغرب، والحديث عن الصحافة المستقلة بالمغرب ذو شجون، لما يطالها من تعسفات وتضييقات وإخضاع إعلامييها للعقوبات السالبة للحريات والغرامات التي أدت في بعض الأحيان إلى إفلاس مقاولات صحفية. وبالرجوع إلى التجربة الصحفية للصحافي توفيق بوعشرين، فهي في اعتقادي تجربة متميزة من خلال يومية «أخبار اليوم» التي تفتح صفحاتها لمنتقدي الفساد والاستبداد بالمغرب، فتدرجه المهني أكسبه خبرة لتسيير مقاولة إعلامية رغم الأوضاع الصعبة للاشتغال في الحقل الإعلامي الذي يشتغل في ظل غياب حرية الرأي والتعبير بكل أبعادها، وغياب الضمانات القانونية المستندة إلى المرجعية الدولية لحقوق الإنسان في هذا المجال، ولا يفوتني أن أذكر بمواقفه المساندة لحركة عشرين فبراير ورأيه المساند لمعتقلي حراك الريف، ففي شهر شتنبر 2017 كتب « يصعب على الإنسان أن ينام، ويأكل، ويشرب، ويدردش، ويسافر، ويفكر في مستقبله ومستقبل أبنائه، وشباب الريف يموتون بالتقسيط في السجون بفعل الإضراب عن الطعام والإضراب عن الأمل في إطلاق سراحهم… الحرية للشباب قبل فوات الأوان، هيبة الدولة التي خفتم عليها لا تساوي شيئا أمام سقوط روح واحدة هي أعز عند الله من حرمة الكعبة». كيف تنظرين إلى اعتقاله والحكم الابتدائي الصادر في حقه؟ السؤال يولد سؤالا حارقا، من أوجعته مقالات بوعشرين؟ من أراد الانتقام من بوعشرين ومن من مصلحته اعتقال بوعشرين؟ بالنسبة لملف الصحافي توفيق بوعشرين، من الخيمة خرج أعوج، الطريقة الهوليودية لاعتقاله يوم 23 فبراير 2018، حيث ذكر أنه تم اعتقاله في حالة تلبس، في حين تم توقيفه بالمصعد أثناء خروجه من مقر الجريدة/عمله. أصدرت النيابة العامة أربعة بلاغات للرأي العام بعد اعتقاله، وفي اختيار التاريخ لمثول الصحافي توفيق بوعشرين أمام المحكمة له أكثر من دلالة، فاختيار انطلاق محاكمته يوم 8 مارس بتهمة الاتجار في البشر والاستغلال الجنسي وهتك العرض بالعنف كانت كافية للتشوش والتأثير على الرأي العام، خاصة النساء. فالاعتقال التعسفي في حق الصحافي توفيق بوعشرين ينم عن تصفية الحسابات السياسية مع الصحافيين المزعجين، يفضح خطابات الدولة المغربية الزائفة في المنتظم الدولي حول احترامها الحقوق والحريات. بعد 86 جلسة، أكثر من ستين منها سرية، وفي انتهاكات صارخة لضمانات المحاكمة العادلة وفي ظل حملة تشهير وتشويه واعتداء على خصوصيات كل المعنيين بالملف، نطقت غرفت الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء يوم 10 نونبر 2018 بالحكم الجائر ب 12 سنة سجنا نافذا. حكم جائر بامتياز يغتال الحقوق والحريات في بلادنا، حكم استعمل فيه القضاء لتكميم الأفواه كما يتم حاليا مع معتقلي حراك الريف وحراك الجرادة.