تؤكد نتائج الاستطلاع الأخير، الذي أجرته مؤسسة «الأفروبارومير»، وشمل 1200 مغربي من مختلف مناطق المغرب، أن البطالة في المغرب أصبحت أكبر المعضلات، وبسببها يفكر الكثير من الشباب في الهجرة. لم يعد هاجس المغاربة هو مشاكل السكن والنقل والماء الصالح للشرب، أو الأمن والجريمة، بل وضعوا على رأس المشاكل إيجاد الشغل. واعتبر 66% من المستجوبين أن «البطالة أكبر مشكل يواجه البلاد»، ثم الصحة (39 %)، والفقر والإقصاء الاجتماعي (38 %)، والتعليم (36 %)، ثم الفساد المالي (20 %)، والبنية التحتية (15 %)، وإدارة الاقتصاد (10 %)، والجريمة والأمن (6 %)، والمياه الصالحة للشرب (6 %)، والسكن (5 %)، ووسائل النقل (5 %). وتعتبر الكثير من الدراسات أن الفساد المالي في الدول هو أكبر مشكل، فهو يؤثر على السياسة والاقتصاد والتدبير، لكن الناس المستجوبين وضعوا الشغل والصحة والفقر والإقصاء والتعليم على رأس قائمة المشاكل التي يعانونها، وهو ما يبرز حجم معاناة الناس من الخصاص في هذه المجالات. وتشير توقعات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن معدل البطالة في المغرب سيصل في 2019 إلى 10.1 في المائة مقارنة ب9.9 في المائة سنة 2019، وهي تطال خاصة الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، بمعدل وصل إلى أكثر من 42% بين شبان المدن. وعبر المغاربة المستجوبون عن استيائهم من جهود الحكومة لحل معضلة التشغيل؛ 11 % فقط يرون أن الحكومة تقوم بعمل جيد أو جيد جدا لحل المشكل، وهي نسبة تسجل تراجعا عن سنوات سابقة في حكومة بنكيران، حيث كان التقييم أفضل (18 % كانوا يرون في 2013 أن الحكومة تقوم بعمل جيد لحل مشكل البطالة، وارتفعت النسبة إلى 20 % في 2015)، في مؤشر على تراجع الثقة في سياسة الحكومة. في الواقع، فإن حكومة العثماني سبق أن أعلنت إطلاق «البرنامج التنفيذي للمخطط الوطني للنهوض بالتشغيل»، ووعدت بتوفير مليون و200 ألف فرصة عمل بشكل مباشر، إضافة إلى مليون فرصة عمل أخرى بطريقة غير مباشرة، خلال الفترة ما بين 2018 و2021. كما تحدث رئيس الحكومة عن دعم التشغيل المأجور لفائدة أكثر من 500 ألف باحث عن الشغل، ومواكبة إحداث أزيد من 20 ألف وحدة اقتصادية صغيرة، لكن هذه الوعود لم تظهر على الأرض، ولم يشعر بها الشباب الباحث عن الشغل في مختلف المدن والأقاليم والجهات. بسبب مشكل البطالة فإن العديد من الشباب يفكرون في الهجرة، فقد صرح ثلث المغاربة (36 %) بأنهم يفكرون في الهجرة إلى خارج البلد، 53 % منهم قالوا إنهم يريدون العثور على عمل في الخارج، و10% يريدون الهجرة بسبب الفقر. في استطلاع سابق عبر الأنترنت، أجرته بوابة التوظيف Rekrute.com، تبين أن 91 في الشباب المغاربة مستعدون لمغادرة المغرب والاستقرار في الخارج من أجل العمل، منهم شباب لهم وظائف في المغرب. المغاربة أقل من 35 سنة يريدون مغادرة المغرب من أجل تحسين عملهم بنسبة 66 في المائة، فيما أكد 56 في المائة من المستجوبين أنهم يرغبون في الهجرة لضمان «جودة عيش وبيئة عمل أفضل». صحيح أن مشكل البطالة أصبح بنيويا في المغرب، وهو ليس وليد السنوات الأخيرة، فالاقتصاد المغربي لا يحقق نسب نمو كبيرة تساعد في خلق فرص شغل كثيرة؛ ففي 2019 تتوقع نسبة نمو في حدود 2.9 %، وفي 2018 حققنا 3 %، وفي 2017 بلغت نسبة النمو 4.1 %، لكن اليوم هناك حاجة ملحة إلى نموذج جديد قائم على التوزيع العادل للثروات.. هذا إذا أردنا أن نتجنب مخاطر شبح البطالة التي أصبحت قنبلة موقوتة.