أثار حكم صدر عن محكمة النقض، أدينت فيه امرأة بالخيانة الزوجية بسبب قُبلة تبادلتها مع رجل أجنبي، جدلا واسعا، حيث وصف البعض هذا الاجتهاد القضائي بالمحافظ وغير المبني على أسس قانونية، فيما اعتبره البعض الآخر انتصارا لرابطة الزواج، وما تقتضيه من وفاء وحفظ العرض. محمد الناجي، الباحث السوسيولوجي، أكد أن هذا الحكم هو استمرار سجن النساء بسبب الخيانة الزوجية، كما أنه يعيدنا إلى العصور المتخلفة، التي كانت تعتبر المرأة كائنا ناقصا ملكا لسيدها وهو الزوج، مشددا على أنه أصبح من الضروري تجاوز مثل هذا الوضع. وبخصوص الحكم، قال الناجي إن النبي محمد قبّل زوجته عائشة في رمضان دون أن ينقض صيامه، ودون أن يكون قد ارتكب خطيئة، ويضيف المتحدث ذاته، أنه يبدو أن المحكمة عادت إلى القرآن واعتبرت أن لمس المرأة هو رجس من نفس درجة الجماع. حكيم الوردي، أحد أعضاء نادي قضاة المغرب ويشغل منصب وكيل الملك، بعد الانتقادات التي وجهت للحكم خرج يدافع عنه من باب “الرجولة والكبرياء الشرقي” التي يتشبع بهما الرجل المغربي، حيث علق قائلا: “لم تخمد بعد في دماء المغاربة براكين الرجولة، ولا أفلت في سمائهم شمس الفحولة، حتى يُتصور أن يطبع الواحد منهم مع مشهد زوجته وهي غارقة في جحيم من القبل فَماً بفم وعناق بالأحضان مع خليل جبان يسترقان اللذة لحظة عشق ممنوع”، مضيفا “كأي رجل شرقي، يغار المغربي العاشق على خليلته، فما بالك بزوجته التي هي العرض والأرض الذي يتشرف الرجل بالموت أو القتل دفاعا عنهما، لذلك نصت مقتضيات الفصل 418 من القانون الجنائي على توافر عذر مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب، إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج الآخر وشريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية”. الوردي دافع عن قرار المحكمة بالقول إنه رغم أن إجماع الفقه الجنائي المغربي والمصري على أن الركن المادي لجنحة الخيانة يتحقق بإدخال العضو التناسلي المذكر في فرج المرأة دونما اعتبار لتحقق الشهوة، إلا أن هذا الفقه لم يتناول بالشرح والتحليل ما إذا كانت الخيانة تتحقق أيضا بالقبل والمداعبات وغيرها من الأفعال الجنسية. وتابع أن المحكمة الفرنسية قبل إلغاء جنحة الخيانة الزوجية من القانون كانت تعتبر أن الخيانة تتحقق بكل فعل ذي حمولة جنسية حتى دون حصول المواقعة، التزاما بمبدأ عدم المنافسة في أي تصرف جنسي مكفول كحق وحيد للزوج دون باقي الأغيار، فالقبلات الشهوانية والمداعبات الجنسية وغيرها من الحركات ذات الطبيعة الحميمية، هي من حق الزوج الشرعي وحده دون غيره. من جهة أخرى، اعتبرت محكمة النقض في حكمها أن “تبادل القبل بين شخصين لا تربطهما أي علاقة شرعية يعتبر إخلالا بواجب الوفاء، والرحمة، والإخلاص والمودة التي بنيت عليهم العلاقة الزوجية”، وأشار إلى أن الزوجة اعترفت في محاضر الضابطة القضائية بتبادل القبل مع شخص لا تربطها معه أي علاقة زوجية شرعية، حيث تعتبر القبلات، من مقدمات الجماع شرعيا، “مما تكون معه الخيانة الزوجية ثابتة”. وفي تعليل للقرار، أوضحت محكمة النقض أن تنصيصات القرار المطعون فيه، يبرز أن المحكمة المصدرة له استندت على صواب في إدانة الطاعنة، من أجل جنحة الخيانة الزوجية إلى اعتراف الزوجة في محضر الشرطة القضائية بتبادل القُبل مع رجل أجنبي عنها. وكان زوج قد تقدم بشكاية لدى النيابة العامة ضد زوجته، بعدما كشف علاقتها بشخص أجنبي، وأثبت تبادل زوجته والأخير القبل، مطالبا بمتابعتها بتهمة الفساد والخيانة الزوجية، هذا في الوقت الذي تنازلت فيه زوجة الشخص الآخر، عن متابعة زوجها.