يُقدم رئيس مجلس عمالة فاس، الحسين العبادي (حزب العدالة والتنمية)، في هذا الحوار توضيحات مفصلة تسلط الضوء للمرة الأولى على الضجة التي فجرتها قضية «فيلا» رجل الأعمال المشهور، أنس الصفرويوي، وذلك موازاة مع أشغال تأهيل وإعادة هيكلة شارع الجيش الملكي، والذي توجد به «الفيلا» التي عطلت أشغال تصفيف الشارع. كيف تعاملتم مع الضجة التي تسببت فيها فيلا الصفريوي بعد رفض قريبته إخضاعها لقرار التصفيف والذي طبق على باقي المباني بشارع الجيش الملكي؟ حتى أكون معك واضحا في هذه القضية والتي تحولت إلى محور نقاشات ساخنة وأحرجت الكثيرين من مسؤوليها، فأنا حينما انتخبت على رأس مجلس عمالة فاس والذي يدبره حزب العدالة والتنمية لأول مرة في تاريخ حزبنا بهذه الجهة، جئت وأنا أحمل معي صديقي وزميلي وحليفي وأخي الوحيد، وهو القانون الذي أشتغل به في تدبير شؤون المجلس، وبنفس القناعة تعاملت مع الضجة التي خلفتها “فيلا” الصفريوي، وذلك لما قامت إحدى قريباته بمنع المقاولة المكلفة بتهيئة شارع الجيش الملكي، القلب النابض لوسط مدينة فاس، من هدم المساحة الأمامية “للفيلا” المطلقة على الشارع، لتمرير خط التصفيف الذي أقرته الجماعة الحضرية، وذلك بعد أن تم إخضاع جميع المباني على طول الشارع لنفس القرار، من بينها فنادق مصنفة ومقاهي وعمارات سكنية ومجمعات خدماتية، مما دفعني كرئيس لمجلس العمالة صاحب مشروع التهيئة، إلى توجيه رسالة لعمدة المدينة إدريس الأزمي، ووالي جهة فاس- مكناس عامل عمالة فاس سعيد ازنيبر، أطلب منهما العمل على تحرير الملك العمومي وتطبيق مسطرة نزع الملكية أو مسطرة الاعتداء المادي على الملك العمومي في حق صاحب “الفيلا”، حتى تتمكن المقاولة من إتمام عملها في مد خط التصفيف على طول شارع الجيش الملكي، حفاظا على جماليته كما جاء في دفتر التحملات والتصاميم المرفقة. بعد مرور مدة غير قصيرة، ولما لاحظت بأن دار لقمان مازالت على حالها، بعد أن جرى استثناء “فيلا” الصفريوي من قرار التصفيف، وجهت تذكيرا في الموضوع لعمدة فاس ووالي جهتها، أطلب منهما الإسراع بمعالجة وضعية “فيلا” والتي تسببت في تعطيل أشغال المقاولة بالمحور القريب منها بشارع الجيش الملكي، انتظرنا بعدها طويلا لكن لا جديد، حيث قامت الشركة بإنهاء أشغالها بدون التدخل في التوسعة التي كانت من المفروض بأن تُحدث بأمام “الفيلا”، في حال تم إرجاع سورها الأمامي إلى ما وراء الخط المخصص للتصفيف، لكن مع الأسف لم يتحقق ذلك وخلف لنا تشوها بهذا الشارع، ذلك أن مجلس العمالة على الرغم من أنه هو صاحب مشروع تهيئة الشارع، إلا أننا لا اختصاص لنا في تحرير هذا الملك العمومي. أشغال تهيئة أهم المحاور الاستراتيجية بفاس لإطفاء جمالية عليها، تسببت لكم في متاعب أخرى بعد أن اتهمكم مقاول برفض صرف مستحقاته ودفع مقاولته للإفلاس؟ الأمر يتعلق بالصفقة رقم 2015/02، تخص تهيئة المدار الجنوبي لمدينة فاس، يبتدئ من أسواق مرجان بطريق إيموزار وصولا إلى مدارة الجوهرة الخضراء في اتجاه الطريق السيار “فاس-مكناس”، خصصت له 46 مليون درهم، حيث حصلت على هذه الصفقة شركة كبرى تمسك مشاريع ضخمة بعدد من المدن، غير أن الأشغال المنجزة شابتها عيوب واختلالات رصدتها اللجنة التقنية للمصالح الخارجية لعمالة فاس، والتي تشرف عليها شركة العمران باعتبارها شريكا للمجلس في المشروع ومستشاره التقني، حيث كانت أول معاينة أنجزتها اللجنة التقنية بكامل أعضائها الذين يزيدون عن عشرة ممثلين للمصالح الخارجية لعمالة فاس، في 16 مارس2016، وأنجزت حينها محضرا عقب انتهاء الأشغال، حيث لاحظت وجود أزيد من 10 اختلالات همت تزفيت المحور الطرقي للمدار الجنوبي للمدينة، وأعمدة الإنارة ومجاري المياه والبالوعات وأشغال الترصيف، حيث طالبنا الشركة بناء عليه بمعالجة هذه الاختلالات. في 15 فبراير 2018عقدت لجنة التتبع اجتماعا بمقر ولاية جهة فاس، حيث اتفق أعضاؤها على إمهال الشركة لأجل لا يتعدى شهرا واحدا لتدارك ملاحظات اللجنة ورئيس مجلس العمالة، أعقبه اجتماع ثالث في 11 ماي 2018 بمقر شركة العمران بفاس، حيث لاحظت اللجنة بعد معاينة ثانية للمدار الجنوبي للمدينة، بأن الشركة المتعاقد معها لم تتدخل لإنجاز ما طلب منها، مما دفع شركة العمران بتاريخ 2 أكتوبر 2018 إلى توجيه مراسلة لي بصفتي رئيس مجلس عمالة فاس صاحب المشروع، تطلب مني اتباع مسطرة الإشعار الرسمي في حق الشركة مع ما قد يترتب عنه من آثار قانونية. لكن الشركة تقول إنها أنجزت الأشغال المطلوبة منها استغرقت 26 شهرا، أعقبها فتحكم للمدار الجنوبي لمدينة فاس في وجه المارة ومستعملي هذا المحور الطرقي الاستراتيجي، مما يعني بأن التسليم المؤقت حصل كما تقول الشركة؟ بالفعل لما وجهت للشركة في 16 أكتوبر 2018، إشعارا رسميا بالمنسوب إليها من قبل لجنة تتبع الأشغال، وطالبتها بمعالجة فورية للاختلالات المرصودة حددتها في مدة لا تزيد عن عشرين يوما، ردت علي الشركة بأن القطار فاتنا، وبأن المدار فتح في وجه العموم ولم تعد للشركة مسؤولية عليه، معتبرا ذلك بمثابة حصولها على تسليم مؤقت للأشغال المنجزة، لذلك أقول لهذه الشركة، إن مسطرة التسليم المؤقت مقتضياتها واضحة في المادة 65 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة للمرسوم الوزاري رقم 1087/99/12 الصادر بتاريخ 4 ماي 2000، والذي يحدد شروط وشكليات مسطرة التسليم المؤقت للأشغال المنجزة بالصفقات العمومية، ومن أهمها ما تنص عليه الفقرة الأولى من هذا المرسوم، بتأكيدها على أنه “لا يتم تسلم المنشآت إلا بعد خضوعها على نفقة المقاول لعملية المراقبة التقنية المتعلقة بمطابقة الأشغال لمجموع التزامات الصفقة ومواصفاتها التقنية”، وهذا ما لا يتوفر في نازلة هذه الشركة التي اختارت الاختباء وراء خطاب الملك للي ذراع مجلس العمالة، والحصول على مستحقات من المال العام عن أشغال لم تنجزها على الوجه الذي التزمت به في كناش التحملات الخاص بالصفقة رقم2015/02، والتي تهم تهيئة المدار الجنوبي لمدينة فاس. كلامكم لا يوافقكم عليه الوالي عامل عمالة فاس بحسب كلام صاحب الشركة، والذي شدد على أن ولاية الجهة لا مشكل معها وأن «البلوكاج» جاء من مجلس العمالة؟ الثابت أن الصفقات التي همت تهيئة ثلاثة مدارات استراتيجية بفاس، سبق أن أُعلن عنها في إطار النظام السابق، لما كان الوالي هو الآمر بالصرف والمسؤول عن وضع وتطبيق دفتر التحملات للمشاريع بالمنشآت العمومية التي يتدخل فيها مجلس العمالة، لكن مع مجيء النظام الجديد والذي يمنح صفة الآمر بالصرف لرئيس المجلس، فإنني حرصت في إطار الاختصاص الذي يمنح لي القانون على إجبار الشركات المتعاقد معها لاحترام كناش التحملات ومراقبة جودة الأشغال، ولا أحد حتى الآن ضمن المتدخلين والشركاء قالوا العكس، فالجميع أكدوا على وجود اختلالات في الإنجاز، والدليل محضر 11 ماي 2018، ومحضر 22 دجنبر 2018، والذي سيبلغ للشركة وعليه توقيع 11 مصلحة تمثل مؤسسات وإدارات عمومية باللجنة التقنية التي عاينت عيوب الأشغال بالمدار الجنوبي للمدينة. كيف سينتهي خلافكم مع هذه الشركة، والتي عمدت مؤخرا إلى توجيه شكايات تظلمية ضدكم لرئيس الحكومة والمجلس الأعلى للحسابات، ومؤسسة الوسيط والمفتشية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، ورؤساء الفرق البرلمانية، تطالبكم عبر هؤلاء بتمكينها من مستحقاتها العالقة لديكم حددتها في مليار ومائتي مليون سنتيم؟ “شوف لي نطولوه نقصروه” (يقول مبتسما)، هدفنا ليس هو إلحاق الأذى بهذه المقاولة أو دفعها للإفلاس كما قال مالكها، لكن الأمر يتعلق بمال عام يصرف على منشآت عمومية ينبغي أن تتوفر فيها الجودة ومواصفات كناش التحملات، ونحن لا نطالبها بالمستحيل، المطلوب هو أن تعالج الاختلالات التي عاينتها لجنة التتبع واعترفت بها أيضا الشركة في محاضر أنجزتها اللجنة التقنية خلال المعاينة، لذلك أقول إنه على الشركة سلك الطريق القانوني وهو السهل، كما فعلت قبلها المقاولتان اللتان تدخلتا في أشغال تهيئة شارع الجيش الملكي والمدار الرابط بين القصر الملكي لفاس الجديد حتى أسواق مرجان بطريق مكناس الوطنية، وذلك بالامتثال للإشعار الأخير الموجه إليها حتى تباشر تدخلها لإصلاح الاختلالات، قبل معاينتها من قبل لجنة التتبع، وهكذا يمكنها إغلاق ملف هذه الصفقة وتحصل على محضر التسليم المؤقت، وكذا المبلغ المالي الباقي لفائدتها لدى مجلس العمالة، والمحدد في 3,6 مليون درهم، علما أن الشركة سبق لها أن تسلمت 6 كشوف حسابية بلغ مجموعها 42 مليون درهم، أما الضمانات المالية فلن ترد للمقاول إلا بعد مرور سنة عن استلام الأشغال كما ينص على ذلك القانون، وصاحب الشركة أدرى بهذا الإجراء مادام سبق له كما يقول أن أنجز عدة مشاريع بمدن مغربية أخرى، وفي حال تمادي المقاولة في رفضه معالجة الاختلالات، سنضطر إلى سلك مسطرة فسخ عقدة الصفقة معها وتكليف مقاولة أخرى لإصلاح العيوب التي تسيء لجمالية المدار الجنوبي لفاس على نفقة الشركة المخالفة لدفتر التحملات الذي يربطها بمجلس عمالة فاس.