قرار مفاجئ وغير منتظر ذلك الذي أصدرته غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بفاس بجلساتها ليوم أول أمس الثلاثاء، وهي تنظر في القضية التي هزت مدينة فاس نهاية شهر نونبر الماضي، لما تعرضت شابة متزوجة للتحرش الجنسي والاختطاف بالشارع العام، من طرف شرطي وجندي، حيث قضت المحكمة بإدانة الجندي برتبة ضابط للصف بسنة سجنا نافدا، و4 سنوات موقوفة التنفيذ، فيما كانت المفاجأة الكبيرة في انتظار الكشف عن حيثياتها من قبل القاضي خلال تحريره للقرار الصادر عنه، هي حصول الشرطي برتبة مقدم شرطة بفرقة التدخل السريع التابعة لولاية أمن فاس، على حكم البراءة بعدما واجه لائحة ثقيلة من التهم التي نسبت إليه، بسبب تورطه بحكم منصبه في ممارسة سلطة عمومية وعمل تحكمي بالشارع العام، وقيامه معية الجندي المدان بحكم جد مخفف، بالتحرش الجنسي بامرأة وتصفيد يديها واختطافها باستعمال سيارة في ملكية الشرطي. هذا وعلمت “أخبار اليوم” بأن الشرطي غادر سجن “بوركايز” بضواحي مدينة فاس، والذي قضى به حوالي أربعين يوما، وذلك عقب حصوله على حكم البراءة من التهم الجنائية الثقيلة التي وجهها له قاضي التحقيق، شأنه شأن المتهم الثالث، سائقه الخاص والملقب “بالكوميسير”، لعلاقاته بالشرطة والتي يتعاون معها كمخبر، حيث غادر هو الآخر السجن، بعدما واجه تهمة المشاركة في اختطاف الشابة المتزوجة بالشارع العام. من جهة أخرى، كشف مصدر قريب من التحقيقات التي أجريت في هذه القضية، بأن قاضي التحقيق بالغرفة الأولى اكتفى في أبحاثه بجلسة وحيدة للاستنطاق التفصيلي جرت أطوارها بمكتبه في العاشر من شهر دجنبر الماضي، حيث أنهى فيها أبحاثه وأصدر بعدها قراره بمتابعة المتهمين الثلاثة في حالة اعتقال وإحالتهم على المحاكمة بغرفة الجنايات الابتدائية، والتي حسمت قضيتهم في أول جلسة غابت عنها الضحية، والتي سلمت في ظروف غامضة تنازلا عن حقها المدني، قبل أن تصدر المحكمة قرارها القاضي ببراءة الشرطي وسائقه، فيما أدانت الجندي لكونه اعترف باقترافه بمفرده لجريمة اختطاف الشابة وتصفيدها بأصفاد كان قد اشتراها من شخص مجهول لم يذكره للمحكمة، فيما ظلت الحلقة المفقودة في هذه القضية، إنكار الشرطي وسائقه لمشاركتهما في الجريمة الخطيرة المنسوبة للجندي، مع العلم أن الأشخاص الثلاثة كانوا متواجدين بنفس المكان الذي اختطفت فيه المرأة المتزوجة على مرأى ومسمع من مواطنين تجمهروا حولهم، وعاينوا اقتياد الضحية مصفدة اليدين نحو سيارة الشرطي بزي مدني، وانطلاق الأشخاص الثلاثة على متنها ومعهم الشابة والتي تخلصوا منها على بعد مسافة قصيرة من مكان اختطافها، بحسب ما جاء في تصريحات الضحية وتقارير أمنية أعقبت هذه الواقعة غير المسبوقة والتي هزت مدينة فاس نهاية شهر نونبر الماضي. وكان بلاغ للمديرية العامة للأمن وتقارير متطابقة، قد كشفت بأن الشابة كانت نهاية شهر نونبر الماضي برفقة زوجها يتجولان بأحد المجمعات التجارية المشهورة بوسط مدينة فاس، حيث انتبهت الشابة لشخصين ظلا يتتبعان خطواتها، قبل أن يبادرا إلى التحرش بها جنسيا عبر ألفاظ وإيحاءات جنسية، ثم لحقا بها وهي برفقة زوجها عبر سيارة خاصة، وهما يخططان لعملية اختطافها، وهو ما نجحا فيه، حيث قام الجندي بمساعدة الشرطي بتوقيف المرأة بالشارع وتصفيد يدها وإركابها بالسيارة، بعد أن أوهما الناس الذين عاينوا الحادث بأن الأمر يتعلق بتدخل أمني لتوقيف الشابة المبحوث عنها، تاركين زوجها يصرخ بالمكان القريب من مطاعم “ماكدونالد” القريبة من ساحة “لافياط” بمدينة فاس، مما أثار حينها ضجة كبيرة وصدمة قوية وسط سكان مدينة فاس والحركات النسائية والحقوقية، خصوصا أن الحادث جاء بعد مرور مدة قصيرة عن دخول قانون يجرم العنف والتحرش ضد النساء في المغرب حيز التنفيذ، بطلاه جندي برتبة ضابط للصف بالقوات المسلحة الملكية نال حكما جد مخفف، والثاني رجل أمن برتبة مقدم شرطة حصل على حكم البراءة في أسرع محاكمة عرفتها جنايات فاس في تاريخها، في انتظار ما ستعرفه الجولة الثانية في هذه القضية بغرفة الجنايات الاستئنافية، بعد أن قررت النيابة العامة الطعن في الأحكام الابتدائية، وذلك بعدما التمس الوكيل العام للملك بجلسة محاكمة المتهمين الثلاثة، إدانتهم طبقا لفصول المتابعة التي تابعهم بها قاضي التحقيق ولخطورة الأفعال المنسوبة إليهم.