سلّطت صحيفة “نيويوركر” الضوء على التحركات الأخيرة التي يقوم بها جون بولتون، مستشار الرئيس الأمريكي ترامب للأمن القومي، في قضية الصحراء. وحسب تحقيق مطول صدر في الصحيفة الأمريكية في 29 دجنبر الماضي، فإن بولتون عاد بقوة للعب دور لحل نزاع الصحراء، فهو الذي ساعد على تنظيم مفاوضات جنيف في 5 و6 دجنبر بحضور المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو، وهو الذي كان وراء تقليص مهمة المينورسو من سنة إلى ستة أشهر. ومن التطورات الجديدة التي لم تشر إليها الصحيفة أن الكونغرس الأمريكي صوت مؤخرا على ميزانية المساعدات الموجهة للمغرب واستثنت لأول مرة منطقة الصحراء من هذا الدعم، وهو توجه يحمل، أيضا، بصمات بولتون. مستشار الأمن القومي، “يعرف نزاع الصحراء جيدا، وسبق أن اشتغل مع بعثة الأممالمتحدة في المنطقة نهاية التسعينيات، وكان جزءا من فريق المفاوضات الذي قاده المبعوث الأممي السابق جيمس بيكر”. وفي هذا الشأن، يقول بولتون “لنيويوركر”: “إن هناك حاجةً لضغط قوي على كل طرف للتوصل إلى حل”، وإنه “لا يمكن الصبر أكثر على استمرار النزاع”، وتابع قائلا إنه “ملتزم بإنهاء النزاع”، ومضيفا “نفكر في الذين لازالوا لاجئين في مخيمات تندوف، وعلينا أن نسمح لهؤلاء وأطفالهم بالعودة والحياة بشكل طبيعي”. وبعد أسبوع على عقد لقاء جنيف أعلن بولتون في لقاء في واشنطن عن دعمه للاستفتاء، وفي هذا الصدد يقول “أن أكون أمريكيا يعني أن أفضل التصويت”، مضيفا “كل ما أردناه هو تنظيم استفتاء لسبعين ألف مصوت، ولكن بعد 27 سنة، فإن وضع الإقليم لم يتم حله”. ويبدو من خلال مقال الصحيفة الأمريكية أن هناك حنينا لإحياء مشروع جيمس بيكر، الذي طرحه سنة 2003، بتنظيم “استفتاء لتقرير المصير”، وهو ما يرفض المغرب، ثم إن مشروع الاستفتاء فشل بسبب مشكلة تحديد الهوية. الصحيفة الأمريكية تحدثت مع بيكر عن سبب فشل مشروعه القديم لحل النزاع، فقال إنه قدم مشروعا “جيدا”، لكن المجتمع الدولي ومجلس الأمن لم يدعموه. متابعا “الدول الأعضاء في مجلس الأمن لا يريدون حل المشكل.. ولهذا لن يُحلّ”. ومن جهته، قال هورست كوهلر، المبعوث الأممي، للصحيفة إنه تبين له من خلال المفاوضات التي أشرف عليها أنه “لا أحد يربح من وراء استمرار حالة الجمود”. وكشف أن “البوليساريو ترحب بعودة انخراط الولاياتالمتحدة في المفاوضات وتنادي بتقرير المصير، لكن وزير الخارجية المغربي يرفض فكرة الاستفتاء”، وأضاف أن “تقرير المصير في نظر المغرب يتحقق بالمفاوضات”، وأن الاستفتاء غير مطروح على جدول الأعمال. الصحافي نيكولاس نياركوس، الذي أعد التقرير، التقى سفير المغرب في الأممالمتحدة عمر هلال، وسأله عن تحركات بولتون، فرد بأن “العلاقات بين البلدين أقوى من أن يمس بها أي شخص”. لكن هلال شدد على أنه “لا مجال لتنظيم استفتاء في الصحراء.. لأن الاستفتاء مات”، معتبرا أن المشكلة الحقيقية قائمة بين المغرب والجزائر وليس بين المغرب والصحراويين”. وبالنسبة إلى المغرب، يقول هلال إن الصحراء “قضية وطنية”، أما بالنسبة إلى الجزائر، فهي ليست سوى “قضية أجندة”. في تندوف تزداد مشاعر اليأس، تسجل الصحيفة، فمنذ توقف الحرب في بداية التسعينيات من القرن الماضي، عاشت ثلاثة أجيال في المخيمات والقيادة التاريخية للجبهة “باتت تواجه تحديات الأجيال الجديدة”، التي تنادي بعودة الحرب، لكن هناك أيضا خطر الإرهاب، فقد التحق بعض الشباب الصحراوي بداعش، أشهرهم “أبو وليد الصحراوي”، الذي ولد في العيون “وناضل” ضد المغرب، ولكنه التحق بداعش وكان ضمن مجموعة قتلت أربعة جنود أمريكيين بالنيجر في أكتوبر الماضي.