استحقت 2018 لقب سنة الهجرة السرية بامتياز. سنة تحول فيها المغرب إلى محط أنظار جميع دول العالم والمهاجرين غير النظاميين، بعدما أصبح البوابة الرئيسة في البحر الأبيض المتوسط للعبور إلى أوروبا، فضلا عن احتضان مدينة مراكش، في مطلع الشهر المنصرم، حدثين دوليين مهمين من حجم المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية (5-6-7 دجنبر) والقمة الدولية لاعتماد ميثاق دولي من أجل هجرة آمنة ومنتظمة ونظامية (11-11 دجنبر)، وهي القمة التي تزعمتها المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس. كما أن 2018 عرفت وصول، في سابقة، أكثر من 52 ألف مهاجر سري إلى السواحل الإسبانية، من بينهم ما يزيد على 6400 مغربي، إضافة إلى منع أكثر من 12 ألف حراك مغربي من ركوب قوارب الموت صوب الضفة الأخرى، وإحباط الآلاف من عمليات الحريك، وتفكيك العديد من الشبكات الإجرامية المتخصصة في تهريب البشر. كل التقارير الدولية والأوروبية والإسبانية كانت تشير في نهاية 2017 إلى أن الهجرة السرية ستحطم كل الأرقام القياسية في 2018، غير أن الضغط على السواحل المغربية انطلق مع بداية الصيف المنصرم، لاسيما مع الإغلاق الكلي للبوابة الوسطى للمتوسط بين ليبيا وإيطاليا، وتشديد المراقبة على الحدود بين تركيا واليونان وباقي دول أوروبا الشرقية. تفاقم الهجرة السرية في شمال المملكة استفحل مع انفجار أزمة «الفانتوم»، القارب الشبح، وهو عبارة عن زوارق ودراجات مائية مزودة بثلاثة محركات أو أكثر، تستعملها شبكات تهريب الحشيش بين المغرب وإسبانيا، قبل أن تلجأ الشبكات نفسها إلى استعمالها في تهريب البشر لتدارك الخسائر المالية الكبيرة التي تكبدتها، في ظل تفكيك وتدمير الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية، بتنسيق مع الشرطة الأوروبية، البنيات التحتية لإمبراطورية الحشيش في الضفتين. ويبقى الحدث البارز في حرب المغرب على الفانتوم هو مقتل الطالبة حياة بلقاسم، يوم الثلاثاء 25 شتنبر الماضي، برصاص دورية تابعة للبحرية الملكية، على متن قارب مطاطي سريع في طريقه إلى الجنوب الإسباني، يقوده ربان إسباني ومساعدون له، وهي العملية التي خلفت قتيلة واحدة وثلاثة جرحى، تتفاوت خطورة إصابتهم. حينها قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، إن «السلاح لم يوجه إلى مهاجرين. السلاح وجه إلى شخص أجنبي يقوم بخرق المجال البحري الوطني، ذهابا وإيابا، مرات عديدة، وأصبح محل تداول في كثير من المجالات، وأصبح الموضوع يثير استفهامات، هل لدينا في المغرب قوات أمنية؟ هل لدينا قوات مسلحة قادرة على أن تردع هذا الغازي؟». بعد ذلك، في يوم 9 أكتوبر، أطلقت البحرية الملكية الرصاص على فانتوم، وخلف الحادث سقوط جريح واحد. في سياق متصل، وعلى الرغم من اعتماد 150 دولة بمراكش الميثاق الدولي من أجل هجرة آمنة ومنتظمة ونظامية، فإن رفض مجموعة من الدول، بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية وإيطاليا وتحفظ دول أخرى، يضعف الميثاق، إذ تتخوف بعض الدول من أن تكون للميثاق نتائج عكسية، ويشجع على الهجرة السرية. وانطلاقا من المعطيات والأرقام الدولية والأوروبية والإسبانية والمغربية، التي تشير إلى وصول أكثر من 52 ألف مهاجر سري، بينهم مغاربة، إلى الجنوب الإسباني عبر مضيق جبل طارق وبحر البوران، أغلبهم خرجوا من المغرب، ووجود نحو 7000 قاصر مغربي غير مصحوبين و250 ألف حراك مغربي بإسبانيا؛ يبدو أن الهجرة السرية ستتفاقم أكثر في 2019 في حال استمرت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في إفريقيا، وهو الشيء الذي تنبأ به العدد الأخير للمجلة الفرنسية الرصينة «جون أفريك».