قررت الحكومة الفرنسية فرض رسوم على كبريات الشركات الرقمية مطلع العام، ومن دون أن تنتظر اتفاقا محتملا داخل الاتحاد الأوروبي، سعيا لتوفير عائدات لتمويل الإجراءات الاجتماعية التي أعلنها الأسبوع الماضي الرئيس إيمانويل ماكرون. وعدل وزير المالية برونو لومير بوضوح عن استراتيجيته، وذلك بعد أن كان دافع، بلا نجاح، حتى الآن عن اعتماد رسم أوروبي على عمالقة العالم الرقمي (غوغل وآبل وفيس بوك وأمازون وغيرها). وذكر في مؤتمر صحافي مشترك بباريس، أمس، مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم أوريشكين “سيتم تطبيق الضريبة في كل الأحوال في الأول من يناير 2019 وعن مجمل العام 2019 بقيمة نقدر أنها ستكون 500 مليون يورو”. وكان رئيس الوزراء إدوار فيليب قد قال في مقابلة مع صحيفة “لي زيكو” أن حكومته تعول على هذه ال500 مليون يورو لتمويل الإجراءات الاجتماعية التي أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون والتي تقدر كلفتها بنحو عشرة مليارات يورو. وعكست هذه التصريحات تغيرا في اللهجة مقارنة بتصريحات سابقة للحكومة. وكانت باريس قد تراجعت بعد عدم توافق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي في بداية دجنبر الحالي حول هذه الضريبة، في محاولة لإنقاذ الضريبة الأوروبية على الاقتصاد الرقمي. وكان لومير قد اتفق مع نظيره الألماني أولاف شولتر على إعداد نسخة مخففة من هذا المشروع داعيا “دول الاتحاد الأوروبي إلى تبني المشروع في أقصى تقدير في مارس/آذار 2019 ليدخل حيز التنفيذ في 2021، إذا لم يتم التوصل إلى أي حل على المستوى الدولي”. قاعدة أوسع للضريبة ومع تصريحات الاثنين يتخلى الوزير الفرنسي عن الانتظار عامين حتى يتم التوصل إلى اتفاق دولي داخل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، رغم أنه أبقى على دعوته باقي الدول الأوروبية لتبني الضريبة ذاتها قبل مارس 2019. وقال “إن تصميمنا على الحصول قبل مارس 2019، على قرار أوروبي بالإجماع بشأن هذا المشروع، لا غبار عليه” موضحا أنه تباحث هاتفيا مؤخرا بهذا الشأن مع نظيره الألماني. وأردف “سنبدأ مساع مع نظيري الألماني لإقناع بعض الدول المعترضة على الضريبة على العالم الرقمي في المستوى الأوروبي” مضيفا “آمل أن تكون أوروبا في مستوى طموحاتها وقيمها”. وكانت إيرلندا والدنمارك والسويد قد عارضت هذه الضريبة على 3 بالمئة من رقم معاملات عمالقة الرقمي. وألمانيا أيضا لم تكن راضية على هذه الضريبة وذلك خشية تعرض صناعتها للسيارات لردود انتقامية من الأمريكيين. وفاجأ قرار فرنسا شركاءها. وقال مصدر قريب من الملف “الأمر مشوش بعض الشيء” مضيفا “القانون لم يتم التصويت عليه بعد، وتطبيقه بأثر رجعي يبدو معقدا جدا”. وبهذا القرار اختارت فرنسا التقدم منفردة على جبهة فرض الضرائب على عمالقة الرقمي التي كثيرا ما تتهم بعدم دفع الضرائب الملائمة في الدول التي تنشط فيها. ويمضي وزير المالية الفرنسي أبعد من ذلك، حيث أن الضريبة لن تقتصر على رقم المعاملات المضمن في المشروع الأوروبي الذي سيحال الى الدول الأعضاء، بل ستشمل أيضا “عائدات الإشهار والمنصات وإعادة بيع البينات الشخصية”. وأوضح الوزير أن الإجراء “يمكن إدراجه ضمن قانون” خطة العمل لتنمية وتحويل الشركات الذي تمت المصادقة عليه في قراءة أولى في الجمعية الوطنية والذي سيعرض على مجلس الشيوخ في بداية 2019. بيد أنه أوضح “هذه إمكانية لكنها ليست الوحيدة”. وكانت عدة دول قد اتخذت مبادرات لفرض رسوم على كبريات شركات العالم الرقمي. وبين هذه الدول سنغافورة والمملكة المتحدة. لكن في إيطاليا صوت النواب على فرض ضريبة على مبيعات الإنترنت لكن القانون لم ينتقل إلى التنفيذ.