اختلالات في تدبير مصاريف جماعة “إمكراد”، بإقليم الصويرة، سجلها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، فبعد الاطلاع على 7 سندات طلب، بقيمة مالية إجمالية وصلت إلى مليون درهم (100 مليون سنتيم)، الخاصة بتهيئة أسوار المدارس والمقابر، تبين بأنها تتعلق بعمليات بناء جديدة وليس تهيئة لأسوار قديمة، كما أشير إلى ذلك في نوعية الأشغال المضمّنة في السندات المذكورة، وبذلك تكون الجماعة قد لجأت لهذه العملية تفاديا لمسطرة الصفقات العمومية، وهو ما اعتبره المجلس “خرقا للمقتضيات القانونية الخاصة بإبرام صفقات الدولة”، التي تحدد، بشكل حصري، الأشغال التي يمكن إنجازها عن طريق سند الطلب، موضحا بأن عمليات البناء ليست ضمنها. وسجلت المهمة الرقابية التي قام بها المجلس الجهوي للحسابات بمراكش لهذه الجماعة الترابية، المحدثة إثر التقسيم الجماعي لسنة 1992، بأنها تتسلم الأشغال غير مكتملة من المقاولين، إذ أن هناك فرقا بين الأشغال المؤداة في إطار سند طلب وتلك التي تم إنجازها على أرض الواقع، وأوضح التقرير بأن المعاينة الميدانية التي قام بها قضاة المجلس لأشغال بناء سور لمقبرة دوار “آيت تاعبيت”، المنجزة بواسطة سند طلب بحوالي 20 مليون سنتيم، بتاريخ 27 غشت من 2014، أثبتت غياب بوابة للمقبرة وصباغتها، في حين يشير محضر الاستلام إلى أن الجماعة تسلمت الأشغال مكتملة، وهو ما اعتبره التقرير خرقا للمادة 67 من مرسوم سن المحاسبة العمومية للجماعات ومجموعاتها، التي تنص على أنه “لا يجوز لجماعة محلية تصفية أي نفقة والأمر بصرفها إلا بعد إثبات حقوق الدائن. ويكون الإثبات إما بشهادة تؤكد إنجاز الخدمة أو بكشف تفصيلي…”. إبرام الصفقات العمومية لم يكن أحسن حالا، فقد وقف المجلس على عدة اختلالات، من قبيل عدم مطالبة الجماعة المقاولين الذين أنجزوا أشغال ثلاث صفقات بتقديم نتائج التجارب المختبرية المنصوص عليها في دفاتر التحملات، ولم تقم باتخاذ أي إجراء لإجبارهم على ذلك. كما سجل التقرير، أيضا، اختلافا بين الأشغال الواردة في وثائق بعض الصفقات والأعمال المنجزة، مستدلا على ذلك بصفقة بقيمة حوالي 55 مليون سنتيم، متعلقة ببناء 4 أسوار و6 مرافق صحية بالمدارس الابتدائية: “ادوشما”، “اضوران”، “اداويدر”، “تفغلال”، “احوماش”، و”ادلنتا”، والتي تسلمت الجماعة أشغالها، مؤقتا، بتاريخ 18 يوليوز من 2012، والصفقة المتعلقة بإنجاز مسلك طرقي يربط بين دوار “احوماش” والطريق الإقليمية رقم 2228، والتي أدت فيها الجماعة مبالغ تفوق حجم الأشغال المنجزة، كما ارتفعت القيمة المالية للأشغال المنجزة، في إطار الصفقة رقم 1/2014 إلى أكثر من 5 ملايين سنتيم، بسبب ما اعتبره المجلس الجهوي “سوء تقدير لأشغال الصفقة”. أما بالنسبة لتدبير المداخيل الجماعية، فقد كشفت المهمة الرقابية عن تقاعس الجماعة عن استخلاص واجبات كراء المحلات التجارية والسكنية ال 101 التابعة إليها، وهو ما أدى إلى ارتفاع المبالغ غير المؤداة إلى أكثر من 18 مليون سنتيم، حتى أكتوبر من 2016. ولاحظ القضاة غيابا لسجلات تتبع إصلاح الآليات والسيارات وتزويدها بالوقود، واختلالات في تدبير أدوات ولوازم المكاتب. وسجل التقرير انتشار المقالع العشوائية للرمال والحجارة، دون أن تتخذ الجماعة الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة، وهو ما يخالف المقتضيات القانونية التي تخول لرئيس المجلس الجماعي اختصاصات الشرطة الإدارية بشأن تنظيم استغلال المقالع والسهر على تطبيق القوانين في هذا المجال. وفيما يخص تدبير الموظفين، فرغم النقص الحاد في أعداد الموظفين، الذين لا يتجاوزون 12 موظفا جماعيا، بينهم تقني واحد، فإن الجماعة ألحقت موظفين اثنين بإدارات أخرى، في الوقت الذي تفتقر فيه إلى مصالح عديدة، كالتعمير والشرطة الإدارية والمكتب الصحي، كما سجل التقرير جمع بعض الموظفين بين مهام متنافية، وهو ما قال إنه يرفع من احتمال وقوع أخطاء في التدبير.ولاحظ قضاة المجلس، خلال انتقالهم لمقر الجماعة ولقائهم بالموظفين، التغيب المستمر لرئيس المجلس، الذي أشار التقرير إلى أنه يخل بمسؤولياته القانونية والتنظيمية تجاه الجماعة، عدا عن أنه لم يفوض أيا من اختصاصاته إلى أي أحد من نوابه، وهو ما يعرقل سير العمل بالجماعة وتدبيرها اليومي، كتتبع الصفقات وتسلمها، والسهر على تلبية الحاجيات الآنية للسكان. في المقابل، ردّ الرئيس على الملاحظة المتعلقة بتغيبه، بأن مصالح الجماعة لم تتلق أي شكاية تدل على التهاون في أداء واجبها إزاء الساكنة، موضحا بأنه بصفته نائبا برلمانيا عن الدائرة التشريعية “الصويرة”، فإنه يحاول الاستجابة لمطالب السكان وإيجاد حلول لمشاكلهم.وعلل إلحاق موظفين بإدارات أخرى، بكون أحدهما يعاني من مرض الحساسية، فيما الثاني ألحقه بقيادة “أركان” لحاجتها إليه، وتوفر الجماعة على محرّرين.