ربطت ورقة بحثية حديثة بين استمرار الاحتجاجات في المغرب، وضعف الثقة في الأحزاب، وفسرت لجوء الدولة إلى القبضة الحديدية في مواجهة عدد من المحطات الاحتجاجية، التي عرفها المغرب، أخيرا، ومنها حراك الريف، بتراجع الثقة في الأحزاب كوسطاء موثوق فيهم، ما جعلها في مواجهة الشارع المحبط. الورقة البحثية، التي نشرها محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، خلصت إلى أنه على الرغم من نجاح النظام في استقطاب الإسلاميين المعتدلين، وقمع العناصر المتشددة، وربح إذعان الأحزاب السياسية، فإن جيلا جديدا من النشطاء قيد التشكل والظهور. واعتبر مصباح أن جيل الألفية – الشباب، الذي ولد بعد سنوات الثمانينيات- لم يعد يثق في الأحزاب السياسية، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في انفتاحه على العالم الخارجي، ليصبح التحدي الأكبر للملكية، حسب المصدر ذاته، لا ينبع من الأحزاب السياسية، أو الإسلامية، بل من الفراغ، الذي تملؤه احتجاجات الشارع. وأضاف مصباح، في الورقة ذاتها، أن رد الدولة على الاحتجاجات، الذي لم يكن واضحا أدى إلى ارتباك خططها، إذ لم تختر إعادة سلك طريق الانفتاح السياسي، الذي سلكته عام 2011، بل لجأت إلى سياسة القمع من أجل استعادة سمعة، أو "هيبة الدولة"، أو (الخوف من الدولة)، والبحث عن قنوات غير مباشرة للتفاوض مع بعض المجموعات المتفرقة من المحتجين، وتابع أن غياب الثقة بين الأطراف، وغياب وسطاء صادقين، يجعل الاتفاق بين المحتجين، والنظام مسألة صعبة. وخلص الباحث إلى أن الاستراتيجية، التي ستتبناها المؤسسة الملكية في تدبير هذه الأزمة السياسية، ستقرر في التوجه المستقبلي للسياسة في البلاد، وفي حالة استمرار غياب ربط حقيقي للمسؤولية بالمحاسبة، وفشل الأحزاب السياسية في لعب دورها في ممارسة السلطة، والاستجابة للتظلمات، التي يعبر عنها المواطنون، معتبرا أن القصر سيجد نفسه في فوهة المدفع، وسيضطر إلى مواجهة الاحتجاجات بشكل مباشر، الأمر الذي يتضمن كلفة عالية بالنسبة إلى ضمان الاستقرار.