تتجه الرباط نحو تمديد إجراء الرفع من الرسوم الجمركية على الألبسة ومنتجات النسيج التركية لمدة ثلاث سنوات إضافية، بعدما كانت سنة واحدة فقط، بحسب ما أكده فاعلون في مجال النسيج والألبسة. القرار المشترك بين وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي دخل حيز التنفيذ في 9 من يناير من السنة الجارية، ويرمي إلى الحد من “زحف المنتجات التركية وتحسين تنافسية المنتج الوطني”. وعما إذا كانت الخطوة التي قام بها المغرب تحترم بنود اتفاقية التبادل الحر بين الطرفين قال الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني: “كل اتفاقيات التبادل الحر تتوفر على بنود احتياطية يجري اللجوء إليها في حال ما إذا كان هنالك عجز في التبادل التجاري يصل إلى درجة قد تؤثر سلبا على اقتصاد أحد طرفي الاتفاق، عن طريق الرفع من نسبة الرسوم الجمركية، وهو ما عمد إليه المغرب” . وفي تعليق له عن القرار قال الكتاني إنه يعكس ضعف المنتج المغربي أمام نظيره التركي سعرا وجودة، كما تبين من الاتفاقية أن المغرب يصدر تقريبا ربع ما يستورده من تركيا في ظرف سنوات قليلة. ووصف الكتاني القرار بالانتقائي استنادا على عدم نهج الرباط الإجراءات نفسها، فيما يخص اتفاقيات التبادل الحر التي تربطها مثلا بالولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي، خاصة حينما يتعلق الأمر باتفاقية الصيد البحري التي “لا يستفيد منها المغرب شيئا ويتقاضى مقابلا ضعيفا، مقارنة مع حجم وكمية الصيد في شواطئ المملكة وانعكاساتها على القدرة الشرائية للمستهلك المغربي فيما يخص السمك”. وبرغم أن المغرب لا يستفيد شيئا إلا أنه ملزم بقبول بنود الاتفاق، نظرا إلى دواعي سياسية تتعلق، أساسا، بملف قضية الصحراء المغربية. واعتبر الكتاني في هذا الصدد أن الاتفاقيات الاقتصادية لا تخضع، دائما، لاعتبارات السوق ولا تكون في الغالب شفافة وواضحة. من جهته، اعتبر عز الدين بوعكل، رئيس فرع الملابس الجاهزة وعضو المكتب الإقليمي بالخميسات، في تصريحه ل”اليوم24″ أن القرار يضر بعدد من مستوردي المنتجات التركية، وسيؤثر على القدرة الشرائية للمواطن المغربي، الذي وجد ملاذه في منتجات تركية تناسب قدرته الشرائية وترقى لمستوى تطلعاته على مستوى الجودة، خاصة مع القدرة الشرائية المتدنية للمستهلك المغربي العادي، الذي ضاق ذرعا من المنتجات الصينية ضعيفة الجودة. وعن المنافسة التي تشكلها السلع التركية لنظيرتها المغربية قال بوعكل: “حتى نكون واضحين، منتجاتنا تفتقد للجودة مقارنة مع نظيرتها التركية، المنتج المغربي عليه أن يراعي معايير الجودة والقدرة الشرائية للمواطن حتى يرقى إلى مستوى منافسة الألبسة التركية ومنافستها منافسة شريفة عوض هذه الحيلة”. واعتبر رئيس فرع الملابس الجاهزة بالخميسات أن القرار له خلفيات سياسية، وتقف وراءه لوبيات سوق الأقمشة في المغرب التي تضغط في هذا الاتجاه. يأتي قرار الرباط بتطبيق رسوم جمركية على حوالي 100 منتج تركي، تم إدراجها ضمن لائحة نشرتها وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي بعد نحو 13 سنة من توقيع اتفاقية التبادل الحر سنة 2006، وفي وقت عرفت فيه عدد من المنتجات التركية انتشارا واسعا وإقبالا مهما من طرف المستهلك المغربي. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الرباط وأنقرة، بحسب إحصائيات رسمية، 25.6 مليار درهم مع نمو مطرد للواردات التركية تجاوز 15 مليار درهم، مقابل 7.4 مليار درهم للصادرات المغربية. هذا، وكانت وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصادي الرقمي قد عممت إشعاراً عاماً بخصوص هذا القرار لمستوردي منتجات النسيج والألبسة المصنعة بتركيا، تؤكد فيه قرار تفعيل هذه التدابير، والتي تضم إعادة فرض رسم الاستيراد بنسبة تصل إلى 90 في المائة من المعدل المحدد بموجب القانون العام، بعد شكاوى عدد من المنتجين المغاربة من إغراق السوق المغربية بالسلع والمنتجات التركية .