بعد التقرير الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات حول حصيلة عمل قطاع الإسكان في مجال السكن الاجتماعي، والذي حمل انتقادات لطريقة تدبير هذا المنتج، وعدم استفادة السكن الصفيحي والآيل للسقوط منه بشكل كبير، قدم عبد الأحد الفاسي الفهري، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، مساء أول أمس بمجلس الحكومة، خطة عمل خاصة للنهوض بقطاع الإسكان، وهي الخطة المنتظر عرضها على أنظار الدورة الثانية للمجلس الوطني للإسكان، المزمع عقده يوم فاتح أكتوبر 2018 برئاسة سعد الدين العثماني رئيس الحكومة. الخطة تعد ببرمجة «عرض سكني ملائم وذي جودة»، في مجال السكن الاجتماعي، «يراعي القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية المستهدفة»، وكذا «تحسين مناخ الاستثمار في القطاع، من خلال تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية»، و«تدابير لتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة للإنعاش العقاري»، فضلاً عن أشكال السكن التشاركي والتعاوني، كما نصت أيضا على ضرورة «تحسين ظروف عيش وسكن سكان الوسط القروي»، بتكريس التقائية تدخلات البرامج العمومية في هذا الشأن. وأكد الوزير حاجة القطاع إلى «نفس جديد» عبر تطوير مقاربات من شأنها «تجويد برنامج مدن دون صفيح، وبرنامج التدخل في السكن الآيل للسقوط»، مؤكدا ضرورة بلورة نجاعة أكبر للبرامج، حتى يكون هناك استهداف أمثل للفئات الاجتماعية المحتاجة والمتوسطة. ولم يقدم الوزير تفاصيل حول المنتج السكني الجديد، لكنه كشف أنه أعد الخطة ب«منهجية تشاركية»، في إطار ورشات للتفكير والتشاور في شهر ماي 2018، حضرها زهاء 1000 مشارك من مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والفدراليات المهنية والأبناك، وحضرها كذلك خبراء وباحثون وممثلون عن المجتمع المدني. وتأتي هذه الخطة بعد تقرير صدر أخيرا للمجلس الأعلى للحسابات تحدث عن اختلالات في برنامج السكن الاجتماعي الذي انطلق منذ سنة 2008، أولها عدم وجود دراسة قبلية من أجل ضبط هذا المنتج، وتحديد خصائصه، وطبيعة مواصفاته التقنية، غير تلك المتعلقة بالمساحة والثمن. ثانيا، هناك خلل في تحديد العجز السكني، ففي بداية البرنامج حدد في 900 ألف وحدة، لكن هذا الرقم، حسب التقرير «حُدِّد بطريقة سطحية ومختصرة»، واستند إلى مقاربة تعتمد على البيانات الديمغرافية والحضرية، لاسيما إحصاء السكان والسكنى لسنة 2004 في ما يخص نسبة الأسر التي تقطن بمساكن غير لائقة بالوسط الحضري، وكذا معدل النمو السكني، ومن جهة أخرى، استنادا إلى الإنتاج السنوي للسكن، والذي قدر بحوالي 90 ألف وحدة. وكان يجب انتظار سنة 2012 لكي تقوم الوزارة الوصية على القطاع بإطلاق دراسة شاملة حول السكن، مكنت من تحديد عجز السكن في 088 588 ألف وحدة. ثالثا، لم تكن استفادة السكن الصفيحي والأيل للسقوط كبيرة منه. فرغم أن إنتاج السكن، حتى متم سنة 2016، بلغ ما مجموعه 283879 وحدة من صنف السكن بقيمة 250 ألف درهم، و21006 وحدات من صنف السكن بقيمة 140 ألف درهم، فإن هذا الإنتاج «لم تستفد منه الأسر التي تدخل في إحصائيات العجز السكني إلا جزئيا»، لاسيما تلك التي تعيش في دور الصفيح والمساكن الآيلة للسقوط، إذ إن الإنجازات التي حققتها من حيث الإسهام في خفض العجز السكني «لا تبدو في مستوى الجهود المبذولة». مثلا، بخصوص المنتج السكني المحددة قيمته في 140 ألف درهم، ومن بين 21.006 وحدات منجزة إلى متم سنة 2016، جرى تخصيص 6.020 وحدة فقط لبرنامج «مدن دون صفيح»، و1113 وحدة لبرنامج «المساكن الآيلة للسقوط»، أما في ما يخص المنتج المحددة قيمته في 250 ألف درهم، فإن إسهاماته في البرنامجين المذكورين تبقى هزيلة. وفضلا عن ذلك، لوحظ توجه المنعشين العقاريين، «بمنطق اقتصادي خالص»، نحو إنتاج السكن بقيمة 250 ألف درهم، والذي عرف اهتماما كبيرا من لدنهم، إذ جرى إبرام اتفاقيات، بهذا الخصوص، من أجل إنجاز، في متم سنة 2016، أكثر من مليون ونصف مليون وحدة، وذلك على حساب إنتاج شقق بقيمة 140 ألف درهم، وذلك بسبب كسبهم الضريبي من ورائه. الدراسة التي أنجزتها وزارة الإسكان سنة 2012 أظهرت أن أهم الحاجيات المسجلة في مجال السكن تهم بالأساس فئة السكن بقيمة 140 ألف درهم، لكن الاستثمارات كانت تسير في اتجاه آخر لصالح السكن من فئة 250 ألف درهم، كما أن الحوافز الضريبية بالنسبة إلى صنف السكن بقيمة 250 ألف درهم تفوق بكثير نظيرتها المخصصة لصنف السكن بقيمة 140 ألف درهم، إذ إن كل وحدة سكنية حصلت على شهادة المطابقة من الصنف الأول تستفيد من دعم للدولة يصل إلى 84.368.12 درهما، في حين لا يتعدى هذا الدعم 40,136.86 درهما بالنسبة إلى كل وحدة من الصنف الثاني. وكان وزير الإسكان قد اعتبر ملاحظات المجلس وتوصياته منطلقا مهما من أجل «إعادة النظر في خطط المنتج الاجتماعي ببرنامجيه، بغية تحسين ظروف تنزيله وشروط إنجازه»، وأعلن خطة جديدة في مجال السكن سيصادَق عليها في أكتوبر المقبل.