فجر التقرير الأخير لقضاة المجلس الأعلى للحسابات فضيحة كبرى تتعلق بفشل الأهداف المتوخاة من إنتاج السكن الاجتماعي، الذي رصدت له الدولة مبالغ جد مهمة. وكشف تقرير جطو، أن السكن الاجتماعي لم تستفد منه الأسر التي تدخل في إحصائيات العجز السكني إلا جزئيا، ولاسيما تلك التي تعيش في دور الصفيح والمساكن الآيلة للسقوط، مشددا أن الإنجازات التي حققتها هذه الآليات من حيث الإسهام في خفض العجز السكني، لا تبدو في مستوى الجهود المبذولة. وأوضح المصدر ذاته، أنه بخصوص المنتوج السكني المحددة قيمته في 140 ألف درهم، ومن بين 21،006 وحدة منجزة إلى متم سنة 2016 ، تم تخصيص 6،020 وحدة فقط لبرنامج "مدن بدون صفيح"، و1،113 وحدة لبرنامج "المساكن الآيلة للسقوط"، أي ما يعادل، على التوالي، نسبتي 92 في المائة، و5 في المائة. وفيما يخص المنتوج المحددة قيمته في 250 ألف درهم، ذكر التقرير أن مساهمته في البرنامجين المذكورين تبقى هزيلة، حيث لم تتجاوز في مجموعها 1،47 في المائة من الإنتاج الإجمالي، حيث تم تخصيص 494 وحدة لصالح برنامج "مدن بدون صفيح"، و3،678 وحدة لصالح برنامج "المساكن الآيلة للسقوط"، وهو ما يعادل، على التوالي، نسبتي 17,0 في المائة، و1،3 في المائة. وأبرز المصدر ذاته أنه منذ ظهور مفهوم السكن الاجتماعي، عمدت السياسات الحكومية إلى تحديده كمنتوج يستفيد من امتيازات ضريبية، وذلك اعتمادا على قيمته العقارية أو سعر بيعه أو مساحته، كما أفاد أن الاعتماد بالأساس على الحوافز الضريبية كوسيلة لإنتاج السكن الاجتماعي، جعل منها آلية مندمجة، وأساسية في منظومة إنتاج هذا النوع من السكن بالنسبة لانتظارات المنعشين العقاريين، مما نتج عنه ارتباط إنتاج السكن الاجتماعي في مختلف قطاعاته، بالامتيازات الضريبية الممنوحة، وهو مايتضح-حسب التقرير-من خلال اختيار المنعشين العقاريين للمنتوجات الأكثر ربحية. وأكد تقرير جطو على غياب دراسات قبلية لإحداث آليات إنتاج السكن الاجتماعي، مبرزا أنه تم سنة 2008، إحداث آلية لإنتاج سكن اجتماعي سمي بالسكن ذي القيمة العقارية المنخفضة، والذي تتجاوز قيمته 140 ألف درهم، وفي سنة 2010، تم التنصيص على دعم سكن اجتماعي بموصفات مغايرة، لا تتجاوز قيمته 250 ألف درهم، دون أية دراسة قبلية من أجل ضبط هذه المنتوجات، وتحديد خصائصها من حيث الاحتياجات، والعجز وطبيعة مواصفاتها التقنية غير تلك المتعلقة بالمساحة والثمن. واستدرك أن الوزارة الوصية انتظرت إلى سنة 2012 لكي تقوم بإطلاق دراسة شاملة حول السكن "استقصاء السكن 2012 "، والتي ركزت في مرحلتها الرابعة على تحديد العجز السكني على المستوى الوطني، وكذا وضع منهجية من أجل تقييم الحاجيات في هذا المجال. وأفاد التقرير أن تدخل الدولة في قطاع السكن ليس حديث العهد، فمنذ أكثر من عشرين سنة والسياسات الحكومية تقوم بإحداث برامج وخلق آليات لمحاولة إيجاد حلول للمشاكل التي يتخبط فيها هذا القطاع بشكل عام، والسكن الاجتماعي بشكل خاص. وقد كان هذا التدخل في البداية، في أوائل الثمانينات، يتم بشكل مباشر من خلا المؤسسات العمومية التي كانت تحت وصاية الوزارة المكلفة بالسكنى، وذلك عن طريق تهييئ بقع أرضية اقتصادية مخصصة للسكن، ثم بطريقة غير مباشرة في إطار قانون المالية لسنة 1999-2000، والذي أثار لأول مرة مفهوم السكن الاجتماعي، على شكل سكن مدعم من طرف الدولة.