اختلالات شابت تدبير النفقات العمومية بجماعة “بوشان”، بإقليم الرحامنة، كشف عنها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، فقد أورد العديد من الملاحظات المتعلقة بمراقبة 13 صفقة،بقيمة مالية تجاوزت 410 مليون سنتيم، و33 سند طلب تعدت 250 مليون سنتيم، فوّتها المجلس الجماعي خلال خمس سنوات، بين 2012 و2016، موضحا بأن الجماعة أدت نفقات غير مستحقة لمقاول، بقيمة 42900 درهم (أكثر من 4 ملايين سنتيم)، إذ سجلت المهمة الرقابية التي قام بها المجلس الجهوي للحسابات بمراكش للجماعة، وجود فرق بين ما تمت تأديته في إطار صفقة تهيئة الطريق الرابطة بين “وادي الجويهل” ودوار “آيت بعمران”، وبين حجم الأشغال التي أنجزي على أرض الواقع. فمن خلال المعاينة الميدانية التي قام بها قضاة المجلس الجهوي للحسابات تبين بأن الأشغال تمت على طول 2300 متر وعرض أقصاه 5.5 أمتار، علما بأن دفتر الشروط الخاص بالصفقة، التي جرى تسلمها نهائيا بتاريخ 15 غشت من 2016، ينص على أن مستحقات الأشغال تؤدى على أساس حجم الفرشة في حالتها النهائية، أي بعد إخضاع الطريق لعمليات الدك، وعلى هذا الأساس، فإن حجم الفرشة على أرض الواقع هو 2530 مترا مربعا، فيما أدت الجماعة للمقاول مستحقات 3310 أمتار مكعبة. التقرير أشار إلى تعثر مشروع تزويد ساكنة دوار “لمكيشرات”، الذي يبلغ عدد ساكنته 867 نسمة ويعتبر من أكبر دواوير الجماعة، بالماء الشروب، عازيا الأمر إلى غياب دراسة تقنية حول المعطيات الهيدروجيولوجية للمنطقة، ولضعف التخطيط المسبق للمشروع، موضحا بأن الجماعة أبرمت صفقة لتعميق بئر ب 26 مترا وتزويدها بمضخة، وبناء خزان سعته 25 مترا مكعبا، غير أن المعاينة الميدانية أكدت بأن منجزات الأشغال لم يظهر لها أي أثر على أرض الواقع، بسبب ضعف منسوب المياه الجوفية وتعذر اشتغال المضخة، بصفة مستمرة، لملء الخزان وتزويد السكان بحاجياتهم اليومية من هذه المادة الحيوية، ليخلص القضاة إلى أنه كان حريا التأكد من كفاية المياه الجوفية قبل البدء بتعميق البئر وإنجاز باقي الأشغال، خاصة المتعلقة منها ببناء خزان مرتفع واقتناء المضخة ولوازمها. تعثر المشاريع طال، أيضا، تحسين ظروف الحصول على الوثائق الإدارية من الجماعية، فقد أصدرت الجماعة سندي طلب بحوالي 40 مليون سنتيم لوضع نظام معلوماتي لتحديث مكتب الحالة المدنية، في إطار شراكة مع المجلس الإقليمي للرحامنة، غير أن القضاة وقفوا، من خلال الزيارة التي قاموا بها لمقر الجماعة، على أن الكشك الإلكتروني لم يتم تشغيله سوى لمدة لم تتجاوز ستة أشهر الموالية لتسلمه، بتاريخ 10 فبراير من 2015، كما لم يتم إنجاز جزء مهم من الالتزامات المتعاقد بشأنها، إذ لا يمكن لمستعمله سوى استخراج نسخ لعقود الازدياد، خلافا لما ينص عليه دفتر التحملات من وجوب تدبير الجهاز لوثائق الحالة المدنية، خاصة عقود الازدياد وعقود الوفاة، ناهيك عن عدم اشتمال بنك المعلومات الخاص بالجهاز على المعطيات المتعلقة بجميع المواطنين المسجلين بسجلات الحالة المدنية. الاختلالات لم تقتصر فقط على الأشغال، بل همّت، أيضا، التوريدات، فبعد معاينة القضاة لمشروع بناء وتجهيز قسمين دراسيين للتعليم الأولي بدواري “لغنانمة” و”آيت موسى أوحماد”، تم تمويل صفقتها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بأكثر من 27 مليون سنتيم، تبين عدم توفر أجهزة إلكترونية ومكتبية تم الإشهاد على استلامها نهائيا، بتاريخ 23 غشت من 2016. وفيما يخص مشروع تزويد السكان بالماء الشروب، الذي تجاوزت تكلفته 220 مليون سنتيم، أكد التقرير بأن 15 دوارا، يصل مجموع سكانها إلى أكثر من 2230 نسمة، أي ما يمثل حوالي ربع ساكنة الجماعة، غير مربوطة بالبنيات التحتية الضرورية، إذ يتزود جزء منهم بالماء عبر السقايات العمومية، وجزء آخر عن طريق الآبار، فيما تعاني فئة منهم من ندرة المياه. ورغم أن تدبير ماء الشرب يعد من الاختصاصات الذاتية للجماعات، فإن التقرير لفت إلى أن جماعة بوشان تعيش عدم ضبط لهذا المرفق الماء الشروب، الذي تتكلف جمعيات بتسييره، كما يتكلف محسنون باقتناء التجهيزات اللازمة، في غياب أي إطار قانوني ينظم علاقة هذه الأطراف مع الجماعة صاحبة الاختصاص الحصري. كما سجل التقرير تقاعس الجماعة عن صرف مساهمتها التي التزمت بها، في إطار اتفاقية تزويد الوسط القروي بالماء الصالح للشرب بجهة مراكشآسفي، وعن تحصيل مساهمة المستفيدين من سكان الجماعة. التقرير أشار إلى عدم إيلاء المسؤولين الجماعيين الاهتمام الكافي بالسلامة الصحية للسكان، موضحا بأن الجماعة لا تراقب جودة المياه المستهلكة، ولم تقم بأي مبادرة لمعالجتها، وقد لاحظ القضاة بأن خزانات المياه لم تستفد من عمليات الصيانة التقنية، مضيفا بأن 6 خزانات، من أصل 18، يتجاوز عمرها 10 سنوات.