لا حديث في الإعلام الأمريكي، اليومين الأخيرين، سوى عن الأزمة التي يعيشها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فجميع المنابر الإعلامية الأمريكية، أجمعت على أن ترامب يعيش أسوأ أيامه الرئاسية في البيت الأبيض، بسبب تورط اثنين من المقربين له في جرائم وضعتهما أمام القضاء، الأول المدير السابق لحملته الانتخابية، بول مانافورت، المتابع في جرائم مالية وتهرب ضريبي، أما الثاني، فهو محاميه السابق، مايكل كوهين، والمتهم بتحويله لمبالغ مالية لسيدتين تزعمان بوجود علاقة جنسية بينهما وبين ترامب، وذلك من أجل التزام الصمت، وذلك بتوجيه وتنسيق مع ترامب. وأدانت هيأة المحلفين بمحكمة الإسكندرية بولاية فرجينيا الأمريكية، كل من مانافورت بارتكاب ثمانية جرائم مالية، فيما اتفق محاميه السابق، مايكل كوهين، مع الإدعاء العام في مقاطعة نيويورك الجنوبية، على الاعتراف بارتكابه لثمانية جرائم مالية، مقابل التخفيف عنه. اعترافات المقربين من ترامب، أزمت وضع الرئيس، فلأول مرة، حسب المحلل السياسي الأمريكي، جيفري توبين يعترف مسؤولون قريبون من الرئيس بارتكابهم جرائم مالية في الحملات الانتخابية الأمريكية. وتساءل المحلل الأمريكي، كيف حصل كوهين على الأموال التي دفعها للسيدتين، وكيف يمكن أن يقوم بهذه الخطوة من تلقاء نفسه. وذهب جيفري توبين، إلى القول إنه "في حال ثبوت تورط الرئيس في هذا الجرائم المالية، فمن الممكن أن يقوم الكونغرس إلى سحب الثقة عن ترامب، وإبعاده عن الرئاسة". أعضاء الكونغرس تفاعلوا مع التطورات الأخيرة داخل البيت الأبيض، إذ نشر السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال، من ولاية كونيتيكت، بيانا يقول فيه "يبدو البيت الأبيض على نحو متزايد وكأنه مشروع إجرامي مع اعترافات مدير حملة الرئيس السابق ترامب ومحاميه الشخصي اليوم". ترامب، وفي أول تصريح له، بعد ليلة الثلاثاء، وإدانة مانافورت، قال إن إدانة مدير حملته الانتخابية، بأنها "وصمة عار وأن ما قام به مانافورت ليس له به علاقة، كما أن مانافورت لم يشتغل فقط معي وإنما اشتغل مع عدد من المسؤولين السابقين". كوهين الذي كان أحد أبرز المحامين "المخلصين" لترامب توصل إلى اتفاق مع الادعاء العام، حسب وكالة "أسوشيتد بريس"، يقر من خلاله بأنه متورط في تهم تشمل الاحتيال في تمويل الحملات الانتخابية، والاحتيال المصرفي والتهرب الضريبي. وحسب المصدر ذاته، فإن هذا الاتفاق، يرتبط أيضا بتحويلات مالية لامرأتين، كما أنه لم يتضح ما إذا كانت الصفقة تتطلب تعاون كوهين مع التحقيقات التي تجريها وزارة العدل حول التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأمريكية الرئاسية السابقة. وكانت شبكة "سي ان ان" قد نشرت نهاية يوليوز المنصرم، تسجيلا صوتيا يتحدث فيه الرئيس الأمريكي مع محاميه السابق، مايكل كوهين، عن أداء تحويل مالي لعارضة سابقة في مجلة "بلاي بوي" تدعى كارين ماكدوغل، تدعي إقامة علاقة جنسية مع ترامب سنة 2006. وليست قضية هذه العارضة هي الوحيدة، بل توجد أيضا قضية ممثلة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيلز، التي دفع لها المحامي السابق للرئيس الأمريكي، 130 ألف دولار، من أجل شراء صمتها، وعدم الحديث عن علاقة جنسية سابقة جمعت بينهما. مقابل ذلك، أكد البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي لم يقم بأي شيء خاطئ فيما يخص القضايا التي يحاكم فيها كل من مدير حملته السابق، حملة بول مانفاورت ومحاميه السابق، مايكل كوهين. وجاء ذلك في إيجاز صحفي للمتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، يوم الأربعاء الماضي. ورفضت ساندرز الخوض في تفاصيل القضيتين، وأكتفت بالقول إن "الرئيس لم يقم بأي شيء خاطئ، ولا توجد أي تهم موجهة له". وأضافت "إذا كان كوهين توصل إلى اتفاق، فيجب ألا يورط الرئيس في ذلك، لأن الرئيس لم يقم بأي شيء خاطئ". وتابعت ساندرز إن "قضية مانافورت لا علاقة لها بالرئيس والبيت الأبيض وحملته الانتخابية". في مقابل ذلك، شددت على أن "البيت الأبيض يركز على تطوير الاقتصاد وحماية الحدود وتقوية أمن الأمريكيين، وهذا ما قمنا به منذ البداية"، وفق تعبيرها. وانتقدت المتحدثة ذاتها الحزب الديمقراطي وقالت "الديمقراطيون ليس لهم من شيء سوى مهاجمة الرئيس وقيادته للولايات المتحدة، ونحن سنستمر في العمل على الأشياء التي يحتاجها الأمريكيون". وتتابع دول الخليج والمنطقة العربية بحذر تطورات القضية، خصوصا مع تعرض التحقيق لمعطيات حول تورط النظامين الإماراتي في دعم والتأتير لصالح ترامب عبر اتصالات ودعم مالي كان صهر هذا الأخير جاريد كوشنير حلقة الوصل فيه. ومن شأن الإطاحة بترامب من سدة الحكم في واشنطن أن تلقي بضلالها على على منطقة الخليج بالتحديد، خصوصا مع تحالفه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ودعمه لما يقوم به في المنطقة، وكذا دوره المزدوج في الأزمة الخليجية التي انطلقت إثر قمة الرياض الشهيرة التي جنى فيها ترامب أزيد من 400 مليار دولار كاستثمارات من الرياض، فضلا عن خطواته تجاه القضية الفلسطينية، وإقدامه على نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.