يبدو أن ملف الأساتذة المتعاقدين الذين فرضت عليهم الحكومة نظام التوظيف بالتعاقد، سيفجر أزمة جديدة بين الذراع النقابي للبيجيدي ورئيس الحكومة. ففي هذا السياق، خرجت نقابة البيجيدي عن صمتها، لتطالب سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، ب"إلغاء آلية التوظيف بالتعاقد من أجل سد خصاص التدريس بالمغرب". وكشفت النقابة ذاتها، أن انعكاسات آلية التوظيف بالتعاقد على المنظومة التربوية التكوينية وعلى مردودية النظام التربوي أخطر من التبريرات التي يسوقها المسؤولون لمعالجة الخصاص المرتبط بحاجيات النظام التربوي المغربي. وأكدت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أن هذا النظام أثبت فشله، لأنه "لا يضمن الاستقرار المهني والاجتماعي والتكوين الأساس الذي يجعل من الموظفين أدوات إنتاج حقيقية داخل المنظومة التعليمية، وليس عمال مؤقتين يهددهم الطرد والفصل تحت طائلة مخالفة مقتضيات العقدة أو ما سمي زورا النظام الأساسي لأطر الأكاديمية." وفي الوقت الذي فيه طالبت نقابة دحمان بإلغاء نظام التعاقد، فقد طالبت حكومة البيجيدي، ب"التعجيل بإدماج كافة أفواج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وتمتيعهم بتوظيف حقيقي في القطاع، واعتبار الإدماج المدخل الطبيعي لتصحيح الوضع المهني والتكوين والاجتماعي والإنساني لهذه الفئة"، وهي الوظيفة التعليمية التي قالت النقابة إنها "تقوم بتشكيل وعي الأمة وإعداد أجيال المستقبل ولا تخضع لمنطق المياومة في التشغيل". وكشفت النقابة في موقف غاضب من حكومة العثماني، أن "آلية التوظيف بالتعاقد لها آثار على المنظومة التربوية التكوينية وعلى الناشئة أخطر من التوازنات المالية"، واعتبرت النقابة أنه "لا يمكن اليوم الحديث عن تجديد النموذج التنموي في غياب دور حقيقي وأساسي للمدرسة العمومية وللتربية والتكوين". ودعت نقابة البيجيدي، مناضليها ومناضلاتها أعضاء العصبة الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد مركزيا ومجاليا، إلى الانخراط بكثافة في المحطة النضالية التي ستحولها إلى اعتصام مفتوح نهاية الشهر الجاري يومي 29 و30 لإسقاط نظام التعاقد وإلغائه . عبد الإله دحمان الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أوضح في اتصال مع "أخبار اليوم"، أن "قرار دعم نضال الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، أملته القراءة الجماعية والتحليل الجماعي لقيادة النقابة، والتراكم الذي حصل في مواقف في الفترة الأخيرة". وشدد على أن الموقف الغاضب من الحكومة، "يتعلق بموقف مبدئي من ملف التوظيف بالتعاقد الذي تحفظنا عليه منذ البداية، وقلنا فعلا المنظومة التربوية التكوينية يتهددها خصاص مهول، ناهيك عن الخصاص البنيوي الذي تراكم تاريخيا نتيجة ضعف التوظيف بالقطاع، وسوء انتشار الموارد البشرية، لكن لا يمكن الرهان على آلية التعاقد لتغطية حاجيات المنظومة التي قد تصل في أفق 2030 إلى 240 ألف مدرس ومدرسة". وكشف عبد الإله دحمان، أن المنظومة التعليمية بالمغرب، "أمام تغيير جذري للموارد البشرية داخل القطاع وهذا له تكلفته على مردودية النظام التربوي، وعلى الوضع القانوني للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد". وقال المسؤول النقابي في تصريح للجريدة، "لا يعقل أن تتبنى الحكومة والوزارة آلية تكرس الهشاشة في العلاقات الشغلية والمهنية، فالتوظيف بصيغته الحالية لا يضمن حقوقا ولا يساعد على إنجاز واجبات". وشدد دحمان بقوله "لا يمكن تكريس نمط المياومة في قطاع استراتيجي وحيوي، لأن ذلك يهدد التماسك الاجتماعي ولا يساعد على نجاح ورش تجديد النموذج التنموي، لهذا بادرنا إلى دعم نضالات الأساتذة الذين فرض عليه التعاقد ودعونا إنجاح محطتهم النضالية، واليوم نطالب أن تتراجع الحكومة والوزارة عن التوظيف بالتعاقد وتعجل بتسوية الوضع المهني للأساتذة الذين فرض هذا النظام، وذلك من خلال إدماجهم في نظام الوظيفة العمومية وتصحيح وضعهم الإداري والمهني".