في حادث يؤكد الطبيعة الوحشية للكيان المحتل للأراضي المقدسة، أقدم الجيش الإسرائيلي على جريمة بشعة راحت ضحيتها أسرة فلسطينية كاملة وسط قطاع غزة. ولا يعرف أحد بالضبط، تفاصيل الليلة الأخيرة التي جمعت عائلة "أبو خماش"، وسط القطاع، فالناجي الوحيد، وهو رب العائلة "محمد"، لم يرو شهادته بعد، حيث يرقد في المشفى، دون أن يعلم حتى الآن، أن جنازة خرجت، حَمَل فيها جيرانه أشلاء زوجته، إيناس (23 عاما)، الحامل في شهرها التاسع، وجنينها، وطفلته "بيان" (عام ونصف)، في تابوت واحد، إلى مثواهم الأخير. لكن، تخيّل تفاصيل ما جرى، ليس بالأمر الصعب، في منطقة كقطاع غزة، التي تفتقد للملاجئ والتحصينات، ويضطر فيها السكان إلى المكوث في منازلهم، تحت وقع الغارات وسقوط الصواريخ. فلا بد أن أفراد العائلة الصغيرة، قد التصقوا ببعضهم البعض، وبخاصة الأم، وطفلتها، كي تهدئ من روعها، وخوفها الناجم عن أصوات الانفجارات. ويقع منزل أبو خماش، في منطقة ريفية، غير مكتظة، ويقترب من السياج الحدودي مع إسرائيل، مسافة 3 كيلومترات تقريبا، وهو ما يعني أن العائلة عاشت في "أجواء رعب"، نظرا لضخامة التفجيرات والقصف المدفعي الذي تعرضت له المنطقة. وما هي الا لحظات حتى اخترق صاروخ سقف المنزل، وسقط وسط العائلة، وتسبب في تمزيق جسد الأم وجنينها وطفلتها، وإصابة الأب بجراح بليغة. الشهيدة بيان أبوخمّاش كانت تستهدف المستوطنات بصواريخ وتشكل تهديدا للاحتلال الذي إغتالها مع والدتها ! #فلسطين pic.twitter.com/1O3G9CRHm1 — Remi Maalouf (@RemiMaalouf) August 9, 2018 نصف ساعة مضت تقريبًا، دون أن يعلم الجيران أين مكان الانفجار، لكون المنطقة ريفية، والمنازل متباعدة عن بعضها البعض، وهناك خشية على حياة كل من يتحرك. وبعد أن تحرك الجيران، ووصلوا إلى المنزل المستهدف، وجدوا أشلاء الأم وطفلتها، فيما زوجها محمد (29عامًا) ما زال على قيد الحياة، رغم تعرضه لإصابات بليغة. وتحوّلت جدران المنزل الذي زاره مراسل وكالة الأناضول، من اللون الأبيض للأحمر، بسبب الدماء والأشلاء الملتصقة بالجدران. أما الملابس وفراش الأسرة ودمى الطفلة وبقية ألعابها، فتناثرت بين ركام المنزل، واكتست بسواد دخان القصف، فيما رائحة الموت تحوم في المكان. وفي المكان، عاين مراسل "الأناضول"، كوتة الطفلة، وهي الكرسي المستخدم في إلهاء الأطفال ومساعدتهم على النوم، وقد تهشمت، فيما ملابسها وبقية أغراضها قد تمزقت. ومن كالأم في حنانها ورقة قلبها وخوفها على أبنائها في حياتها تحتضنهم وتكون أقرب الناس لهم وفي مماتها ترافقها ابنتها #بيان_ابو_خماش التي تبلغ من العمر عام ونصف وجنينها الذي عاش نبضات الحياة بداخلها لمدة تسع شهور في كفن واحد #غزة pic.twitter.com/srTsi0TbBr — آية حسونة / غزة (@Aya_Hassoun24) August 9, 2018 وتقول، إيمان أبو خماش (19عامًا)، شقيقة الشهيدة "إيناس"، وهي تبكي بُحرقة، إنها تشعر بصدمة كبيرة لما حدث. وتضيف لمراسل وكالة الأناضول:" لم أتوقع للحظة أن يتم قصف منزلها، وأن تُستشهد هي وطفلتها، وهم نيام، لا ذنب لهم، سوى أنهم فلسطينيين". وتلفت إلى أن شقيقتها متعلقة كثيرًا بطفلتها الوحيدة والبِكر "بيان"، ودائمًا ما تصورها وتكتب عنها عبر صفحتها في موقع "فيس بوك". وتتابع:" كانت على أمل بعد أيام أن تضع مولودتها الثانية والتي أسمتها رزان قبل أن تلدها، وكانت متشوقة لرؤيتها، وتفرح بها وبشقيقتها كأي أم في العالم، ترى المستقبل الجميل في أطفالها".
بدوره، يقول أكرم أبو خماش (42 عامًا) شقيق المُصاب "محمد"، إن الأخير عاد قبل نحو عامين من السودان، بعد أن أنهى الدراسة في كلية الشرطة هناك. وأضاف:" عمل في الشرطة الفلسطينية، وأنجب طفلته بيان، وكان ينتظر الثانية، ليفرح بهما كما أي أب، فقضى الاحتلال على تلك الفرحة، بقصفهم جميعًا". وأكمل:" محمد حتى الآن، لا يعلم أنه فقد أسرته، لا أعلم كم سيُصدم إن كُتب له حياة وعلِم باستشهاد أسرته جميعًا". وأعلنت وزارة الصحة فجر اليوم الخميس، عن استشهاد الحامل إيناس أبو خماش، وطفلتها بيان، وإصابة زوجها، جراء "استهداف إسرائيلي". وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان إنه شن نحو 150 غارة على قطاع غزة، مساء أمس وفجر اليوم، قال إنها استهدفت مواقع لحركة حماس.