في مواجهة سياسية فكرية، انقسم ضيوف ندوة، يوم أمس السبت، في الملتقى الوطني 14 لحزب العدالة والتنمية، التي استقبلت 4 قياديين من الحزب، إلى قسمين. القسم الأول اعتبر أن حزب العدالة والتنمية يمر بأزمة داخلية بعد البلوكاج الحكومي، وما تلاه من أحداث، أبرزها إعفاء عبد الإله بن كيران، ووضعه في مشهد ساسي غير صحي. أما القسم الثاني، فيرى أن جميع مؤسسات الحزب في الطريق الصحيح، إذ حقق هذا الاخبر نتائج انتخابية مهمة، والنتيجة أنه يسير الحكومة. النقاش, الذي استمر إلى ما بعد منتصف الليل، شارك فيه كل من عزيز الرباح، ولحبيب الشوباني، وعبد العزيز أفتاتي، وآمنة ماء العينين، ومحمد خيي الخمليشي، القياديين في حزب العدالة والتنمية، وقدموا تقييما للوضع الحالي للحزب، وتفسيرا عن الشرخ الداخلي، الذي نتج عنه اختلاف بين القيادات، بسبب تعديل مادة من القانون الداخلي، التي كان من المفروض أن تسمح بالولاية الثالثة لعبد الإله بن كيران. آمنة ماء العينين، البرلمانية والقيادية في حزب العدالة والتنمية، تشبثت طوال مداخلتها برأيها، كون الحزب يعيش أزمة داخلية غير خفية الملامح، بسبب أخفاقه في تدبير مرحلة ما بعد البلوكاج السياسي، وإعفاء بن كيران من رئاسة الحكومة بعد خوضه لمفاوضات لتشكيل الحكومة، وإصراره على عدم دخول حزب الاتحاد الاشتراكي إلى حكومته، انتصارا للإرادة الشعبية وتجسيدا لنتائج الانتخابات، تقول ماء العينين. القيادية في "البجيدي" اعتبرت أن هناك قلقا كبيرا داخل المجتمع، وبين قيادات الحزب، وقواعده على صورة العدالة والتنمية، مضيفة "لا يجب أن نخشى من هذا القلق فقط كي لا ينفض الشباب عن الحزب ونذهب إلى خطاب التيئييس، فلا خير في شباب يحضر لحظة الانتصار، ويغيب في لحظات الضعف، وسنظل نطرج الأسئلة حتى يخرج قرار موحد من المجلس الوطني، يخبرنا هل تخطى حزب العدالة والتنمية الأزمة أم لا؟ وهل تخطينا مرحلة ما بعد البلوكاج والاعفاء، واستثمرنا الانتصارات الانتخابية الكاسحة بشكل سليم؟ ماء العينين أكدت في مداخلتها، التي صفق لها شباب "البجيدي" داخل القاعة أن حزب العدالة والتنمية أخفق في تدبير لحظة ما بعد البلوكاج الحكومي، وإعفاء ابن كيران، معتبرة أنه "كان من المفروض عليه كحزب كبير أن تكون جميع سيناريوهاته جاهزة، ومن بينها سيناريو إعفاء الأمين العام السابق، عبد الإله بن كيران. واعتبرت البرلمانية ماء العينين أنها لا تتفق مع مقولة القيادي الراحل عبد الله بها، التي استحضرها الشوباني في مداخلته، وهي "جئنا للإصلاح، ولم نأت للسلطة"، معتبرة أن دور الأحزاب هو الاتجاه إلى السلطة، وإلا كيف لها أن تصلح وهي خارج مؤسسات الدولة المستقلة. الطرح الذي قدمته ماء العينين خالفه زميلها في الحزب، القيادي عزيز الرباح، الذي كان من أشد المدافعين عن عدم تمديد الولاية الثالثة لابن كيران، والذي قدم، أيضا، مداخلة تشيد بوضع الحزب الحالي، وطريقة تسييره للحكومة، ولمرحلة ما بعد ابن كيران. الرباح تساءل في مداخلته على مكمن الأزمة داخل حزب العدالة والتنمية، وهو يقود اليوم الحكومة، والرجل الثاني في هرم الدولة هو سعد الدين العثماني، والحزب يملك أكبر فريق نيابي على مر تاريخ المغرب، ويسير أكثر الجماعات الترابية، وله نقابة كبيرة وفصيل طلابي وشبيبة متربعة على رأس الشبيبات الحزبية في المغرب. وحاول الرباح الرد على مداخلة آمنة ماء العينين بتشخيصه المؤسساتي للوضع الداخلي للحزب، وبسطه للأحداث، التي تلت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عبر منطق احترام المؤسسات، والالتزام بضوابط الحزب، من بينها القانون الداخلي، واحترام القرارات، التي يصوت عليها في المجلس الوطني، والأمانة العامة باعتبارها أعلى هيأة داخلية ل"البجيدي". القيادي في العدالة والتنمية، الذي يتولى حقيبة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، استغرب طريقة انتقاد بعض قيادات للوضع الحالي للحزب وقال: "إن تكون عضو في مجلس النواب، وتسيره وتقول لنا إن الديموقراطية غير موجودة فأنت أيضا جزء من الديكتاتورية. عزيز الرباح، أكد أن مرحلة انتخاب سعد الدين العثماني أمينا عاما للحزب هو انتصار ديموقراطي داخلي، الأمر الذي لا يعني تخلي الحزب عن بن كيران باعتباره زعيما أمميا، يمكنه أن يعود ويقود الحزب بانتخابات المجلس الوطني، كما عاد سعد الدين العثماني للقيادة.