رغم محاولات زرع الفرقة وتعميق الأزمة داخل حزب العدالة والتنمية، من خلال تضخيم واقعة تسريب فيديوهات الجولة الأولى من الحوار الوطني، وخصوصا استغلال مواقف القيادي، عبدالعلي حامي الدين، من الملكية البرلمانية للإيقاع بين الحزب والملكية، فقد استطاع حزب العدالة والتنمية تجاوز كل ذلك نحو عقد الجولة الثانية من حواره الداخلي بنواحي مراكش، أول أمس، بحضور أكبر مقارنة بالندوة الأولى. وقال مسؤول قيادي في الحزب "لا خيار أمام الحزب سوى نجاح الحوار الداخلي للحزب، إلى حين أن يتضح المشهد السياسي في بلادنا". ويعول الحزب على الحوار الداخلي للملمة صفوفه المبعثرة منذ إعفاء الأمين العام السابق قبل أزيد من عام. وأكد سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، في افتتاحه لندوة، أول أمس، على نجاح الندوة الأولى "رغم التشويش والتشكيك"، منتقدا عمن وصفهم ب"سُعاة الوشاية للإيقاع بيننا وبين المؤسسات الدستورية، أو جلالة الملك شخصيا، لكنهم سيفشلون". واعتبر العثماني مواقف حزبه من المؤسسة الملكية "مبدئية وثابتة ومتجذرة في التاريخ"، مؤكدا أن "التشكيك محاولة يائسة للإساءة للحزب"، وأن الحزب "سيرد في الوقت المناسب وبالشكل المناسب". وأردف "أن النقاش مقبول، لكن الإساءات التي يعرف أصحابها أنها غير صحيحة، بل وكاذبة لن نقبل بها". ولم يقف هجوم العثماني على خصوم حزبه عند هذا الحد، بل عاد إلى التذكير بمحاولات الإساءة للحزب من خلال التشكيك في مواقفه في سنوات 1997 و2003 و2007 و2009 و2011 و2015. ودعا رئيس الحكومة النخب السياسية في البلاد إلى التحلي بالنضج، بقوله "يجب على جميع الفرقاء السياسيين التحلي بمستوى عالٍ من النضج، وقد أخذنا بعين الاعتبار كل ما كتب في الإعلام منذ الندوة الوطنية الأولى للحوار الوطني إلى اليوم، ونأسف كثيراً لأن بعض الأقلام حاولت جاهدة التشكيك في مواقف الحزب من الملكية أولاً، وفي مواقف الحزب السياسية العامة". ورفض العثماني بشدة الاتهامات التي توجه له ولفريق أمانته العامة في الحزب بتلقي تعليمات من خارج الحزب، وقال في هذا السياق: "لم يتصل أحد، ولن نقبل أن يتصل بنا أحد للتعبير عن مواقفنا الثابتة"، مؤكدا أن قيادات الحزب عبرت عن مواقفها "منذ 20 سنة، ومازالت مستمرة على تلك المواقف". واعتبر العثماني أن "مواقف نخبة الحزب ناضجة وواعية، والجميع يعرفها، وهي ضمانة لاستمراريته على المبادئ نفسها". داعيا خصوم الحزب إلى "الكف عن الكذب في حقه". واسترسل العثماني مدافعاً عن استقلالية قرار حزبه، قائلاً: "على هؤلاء أن يكفوا عن القول إن كل ما يصدر من الحزب يأتي بتعليمات من جهات عليا"، مشدداً على أن "مواقفنا نعبر عنها بكل حرية، والحزب يحاول أن يحافظ على استقلالية قراراته ومؤسساته، ونحن نتخذ القرار الذي في مصلحة الوطن أولاً، ثم الحزب". وأضاف العثماني: "نحن نتخذ مواقفنا التي نراها صائبة وصحيحة، ولو كانت مؤلمة، لكن بطريقة ديمقراطية، ونعمل جاهدين على أن نحافظ على استقلاليتنا واستقلالية قرارنا".