أحمد البوز: أستاذ العلوم السياسية أعتقد أن النقاش حول الملكية البرلمانية قديم، وأصبح روتينيا داخل الحياة السياسية المغربية. لقد كانت الملكية البرلمانية أطروحة سياسية لدى هيئات سياسية معينة، وهي اليوم أطروحة لدى هيئات سياسية أخرى، كما أنها كانت شعارا قويا لدى حركة 20 فبراير سنة 2011. وحتى داخل صفوف النخب السياسية التقليدية، هناك من يؤمن بأن الملكية البرلمانية مسألة وقت، وإن كانوا يختلفون في التفاصيل بين من يرى أنها يجب أن تكون على النمط الأوربي، ومن يرى أنها يجب أن تكون نتيجة لتطور النسق السياسي المغربي، أي تعكس نوعا من الخصوصية المغربية. لكن النقاش كان وسيظل روتينيا، خصوصا أن هذا الموضوع باتت تقدم حوله أبحاث في الجامعة المغربية. لذلك، أرى أن الجدل الحالي مرتبط أساسا بحزب العدالة والتنمية، وبالوضع الذي يعيشه هذا الحزب منذ إعفاء أمينه العام السابق، عبد الإله بنكيران، وليس مرتبطا بالموضوع نفسه، وأعتقد أن لجم النقاش داخل الحزب هو جزء من دفتر التحملات السياسية التي جاء على أساسها سعد الدين العثماني إلى رئاسة الحكومة ثم رئاسة الحزب، أي تليين الخطاب السياسي لدى الحزب تجاه الملكية والإصلاح السياسي، فالمقصود ليس الفكرة في حد ذاتها، وإنما الخطاب السياسي الذي يجب ألا يكون قويا وحادا تجاه الدولة، كما كان عليه الحال مع بنكيران، وإن كان هذا الأخير لم يطالب بالملكية البرلمانية ولا أيّد الدعوة إليها. إذن، الجدل مرتبط بالحزب الذي يقود الحكومة، والذي تطلب منه الدولة خطابا معينا وفي حدود معينة، وإلا فإن الخطاب نفسه تروّجه هيئات أخرى، لكنه ليس مرفوضا بالدرجة نفسها. فمطلب الملكية البرلمانية لم يعد طابو سياسيا، وإن كان لايزال يقلق بعض الدوائر في الدولة. لكن الجدل الحالي مرتبط بالحزب وبالتقاطب داخله، لذلك نلاحظ أن ردود الفعل داخل العدالة والتنمية كانت أقوى منها خارجه، باستثناء بعض ردود الفعل القليلة.