أمام الدورة 14 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، الذي انطلقت أشغالها أمس بالرباط، قدّم سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، التفاصيل الكاملة لبرنامج تعميم التعليم الأولي في أفق الموسم الدراسي 2027 / 2028، مؤكدا أن الهدف هو الوصول إلى تعليم أولي عصري. وكشف أمزازي عن أرقام دالة في هذا السياق، منها أن عدد المسجلين في مؤسسات التعليم الأولي حاليا يقارب 700 ألف طفل، لكنه أشار إلى 460 ألفا من هؤلاء مسجلين فيما سماه "فضاءات للتعليم الأولي التقليدي"، وقال إن هدف وزارته تأهيل هذه الفضاءات لتصبح مؤسسات عصرية للتعليم الأولي. وظهر من خلال المعطيات نفسها، التي قدّمها الوزير أن سلطة الدولة على مؤسسات التعليم الأولي المتوفرة حاليا، وعددها أزيد من 23 ألف مؤسسة، ضعيفة جدا، إذ تشكل مؤسسات التعليم الأولي التقليدي، أي الكتاتيب القرآنية، نحو 63 في المائة، بينما تشكل المؤسسات التابعة للقطاع الخاص 24 في المائة، علما أن أمزازي وصفها في عرضه ب"مؤسسات التعليم العصري"، مميزا إياها عن مؤسسات التعليم العمومي التي تُشكل نسبة 13 في المائة فقط. وهي أرقام تؤكد بالملموس كيف أن التعليم الأولي خارج سلطة الدولة لحد الآن، ويكشف بالتالي خلفية البرنامج ومراميه السياسية المسكوت عنها، في الوقت الذي يتم التركيز كثيرا على الجوانب التربوية والتعليمية للبرنامج. وأكد أمزازي مرة أخرى أن البرنامج الذي سيمتد تنفيذه على مدى 10 سنوات، سيكلف 30 مليار درهم، وهو رقم كبير، لكن الوزير لحد الآن لم يذكر مصدر هذا التمويل والشركاء الذين سيساهمون في تمويله، خصوصا وأن الخطوات المعلن عنها تتطلب تمويل كبيرا مثل إعداد 4 آلاف مؤسسة تعليمية في أفق الدخول المدرسي المقبل 2018/2019، وإعادة تأهيل وتكوين 27 ألف مربي ومربية، وإدماج 28 ألف مربية ومربي جدد خلال السنوات المقبلة، وما يتطلب ذلك من تأهيل وتكوين في الجامعات والمدارس العليا للأساتذة والمراكز الجهوية للتربية والتكوين ومعاهد للتكوين المهني. وأظهرت الإحصائيات المعلن عنها أمام أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن عدد الأطفال المغاربة الذين هم في سن التمدرس بالتعليم الأولي، ما بين 4 و5 سنوات، يفوق مليونا و426 ألف طفل، منهم حوالي 699 ألف طفل بالتعليم الأولي حاليا، بنسبة 49,6 في المائة، بينما هناك 726 ألفا و920 طفلا وطفلة خارج أية مؤسسة تعليمية. وفي الوقت الذي ذكر أمزازي أن أزيد من 23 ألف مؤسسة للتعليم الأولي متوفرة حاليا، منها 11921 مؤسسة موجودة في العالم القروي، وهي عبارة عن كتاتيب قرآنية في الغالب الأعم، قال إن هذه الأخيرة تحتاج إلى تأهيل حتى تكون في مستوى المؤسسات العصرية للتعليم الأولي. وتطرق أمزازي إلى أوراش أخرى تتعلق بمختلف مستويات التعليم، وهي عبارة عن برامج تنفيذية للخطة الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030، غير أن بعض أعضاء المجلس تساءلوا في حديث مع "أخبار اليوم" حول ما أنجز من الاستراتيجية خلال السنوات الثلاث الماضية، على اعتبار أن الاستراتيجية تم اعتمادها سنة 2015، وأن هناك استمرارية في المرفق العمومي، ويجب أن نعرف ماذا أنجز مما تم الإعلان عنه سابقا من قبل الوزارة؟ وكان عمر عزيمان، المستشار الملكي ورئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين، قد عبّر في كلمته الافتتاحية عن انتظارات أعضاء المجلس من عرض الوزير أمزازي، حين أشار صراحة إلى رغبة المجلس معرفة مدى "تقدم الأوراش الأساسية لتطبيق الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم". وقد تحدث عزيمان بالخلفية ذاتها، عن منجزات المجلس الأعلى للتربية والتكوين خلال السنوات الأربع التي مضت من ولايته، منها الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030، علاوة على عدة آراء في إطار الإحالة الذاتية تتعلق بالتعليم الأولي أو الارتقاء بالمهن التربوية أو عن مدرسة العدالة الاجتماعية. داعيا إلى تسريع إنجاز أعمال أخرى في أجندة المجلس قبل نهاية