يبدو ان كثرة الأخبار المتداولة هذه الأيام، والتي تكشف تناقضات واختلافات الفاعلين في المشهد السياسي المغربي، فتحت الباب أمام موسم إصدار البيانات الرامية إلى إخفاء هذه التناقضات، كما يخفي الغربال أشعة الشمس. فبعد البيانين اللذين اصدرهما كل من رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، صلاح الدين مزوار، والتي حاولا من خلالها محو آثار التناقضات التي ظهرت بينهما خلال مشاورات تشكيل أغلبية حكومية جديدة، وكانت في غالبيتها صادرة عن مصادر مقربة منهما؛ هاهو الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالحكامة والشؤون العامة، محمد نجيب بوليف، يصدر بدوره بيانا مقتضبا وباللغة الفرنسية، يحمل توقيعا مشتركا مع وزير الفلاحة عزيز اخنوش، يقول إن الازمة التي أحدثها قرار شركات الحليب برفع الاسعار، لم يؤدي إلى أي خلاف بينهما. ورغم ان بوليف كان قد سارع إلى الإدلاء بتصريحات صحافية، قال فيها انه منزعج من تلك الزيادات، وذهب إلى حد إحالة الموضوع على مجلس المنافسة، ملوحا بالقيام ب"اللازم" في حق تلك الشركات، ثم تحرك وزير الفلاحة عزيز أخنوش في الاتجاه المعاكس، حيث اجتمع بمنتجي الحليب وخرج ليقول أنهم التزموا بإيصال الجزء الأكبر من الزيادة إلى الفلاحين، ما يعني مباركة رسمية للزيادة؛ قال بيان الوزيرين إنه وعكس ما رددته وسائل الإعلام، فان موضوع الزيادة في أسعار الحليب، مثله مثل كل الملفات التي تتطلب تنسيقا بين القطاعات الحكومية، لم يكن موضوع أي خلاف، بل انه يمضي في طريقه العادي داخل كل قطاع حسب الاختصاصات المخولة له، وبتنسيق بين هذه القطاعات. فكيف قامت الحكومة يا ترى بتنسيق قرار إحالة الملف على مجلس المنافسة للقيام ب"اللازم"، والاجتماع بالمنتجين لمباركة الزيادة بمبرر استفادة الفلاحين منها؟