قالت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، إن البؤس السياسي مستمر في المغرب، بفعل ما وصفته ب"النظام السلطوي"، الذي يكرس مزيدا من السلط بيد المؤسسة الملكية، وفقا لنص الدستور المعدل سنة 2011. وأوضحت منيب، في ندوة نظمها حزبها في مدينة بنسلميان، تحت عنوان: "الحراك الاجتماعي: الدلالات السياسية والسوسيو اقتصادية"، أن الاختيارات السياسية للدولة ساهمت في تراكم الثروات في أيادي أقلية، مما تسبب في توسع دائرة المهمشين والفقر في غياب العدالة الاجتماعية. وأكدت منيب، وهي تتحدث عن دلالات المقاطعة الشعبية المستمرة للمنتجات، إن الملكية هي الفاعل السياسي الأساسي والحكم في الآن نفسه، مؤكدة على أن سؤال فصل السلط لم تتم الإجابة عنه، وبقي مفتوحا ولم يتم اعتماده كمبدأ دستوري في إصلاحات 2011، موضحة أن الدولة العميقة ظلت ممسكة بكل خيوط اللعبة، أي الفاعل الرئيس في الحياة السياسية، تجدد أدواتها السلطوية، ابتداء من تجربة "الفديك"، ومرورا بتجربة تأسيس أحزاب الإدارة (الاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار)، ووصولا إلى تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أعدته الدولة، وجندت له الشيوخ والمقدمين لدعمه في الانتخابات، إلا أنه على الرغم من ذلك سقط في الانتخابات، لأن الهدف كان هو أن يقود الحكومة، مؤكدة على أن هذه أول مرة يفشل فيها المخزن في دعم حزب سياسي. وهاجمت منيب الدولة لأنها لا تعرف كيف تتعامل مع الحراك الاجتماعي السلمي ومع المقاطعة الشعبية، ودعت إلى جني ثمار حقيقية من وراء هذه التحولات السياسية وتحقيق التغيير إلى الأحسن، وفي مقدمته الوصول إلى دولة الحق والقانون وتكريس ديمقراطية الفصل بين السلط، ومنح مزيد من الحريات للقوى التي تسعى إلى تغيير المجتمع فعلا، باتجاه العقلنة والقيم الرفيعة والتوزيع العادل للثروة، ونشر العلم والمعرفة لتحقيق العدالة الاجتماعية بدون أي تمييز. وقالت إن التحولات السياسية التي تعرفها المملكة هذه الأيام، خلقت ارتباكا في صفوف الدولة العميقة لأنها عجزت عن تدبير المرحلة والتعامل بشكل إيجابي مع الحراك الشعبي المنظم، على الرغم من أن تاريخ المغرب حافل بالاحتجاجات المتنوعة، وكان جواب الدولة دائما جوابا قمعيا. وشددت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، وهي تستعرض محطات ساخنة من التاريخ السياسي للمملكة، أن النخب السياسية لم تبن تعاقدا مع الملكية، وغلّبت منطق البيعة، دون أن تتمكن من إجراء إصلاحات سياسية ودستورية، إلا أنه تم الالتفاف عليها. واتهمت منيب النظام بالالتفاف على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي كان الهدف منها هو تلميع صورة المغرب وجلب الاستثمارات الخارجية، ولم يكن الهدف منها هو تكريس المزيد من الشفافية والديمقراطية عن طريق طوي صفحة سنوات الرصاص. وعادت منيب، في الندوة التي نظمها فرع الحزب الاشتراكي الموحد ببنسليمان، إلى التأكيد على أن ما يجري من تحولات سياسية، هو عنوان لأزمة مركبة ومعقدة في بلادنا توشك على الانفجار، بسبب عدم قدرة الحكومة على الإنصات إلى المطالب المشروعة والعادلة للحراكات الشعبية التي تعرفها العديد من مناطق المغرب. كما هاجمت منيب، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووصفتها ب"المخزنية"، وقالت إنها "خسرت فيها الأموال الطائلة دون أن تحقق أية نتيجة"، موضحة أن "الدولة عجزت في مقابل ذلك عن تحقيق خدمات جيدة في قطاعي التعليم والصحة، اللذين تمت خوصصتهما عوض دعمهما والتحسين من جودتهما. من جهته، وصف الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، المقاطعة الشعبية ب"الزلزال السياسي"، مؤكدا أن الأهداف الآنية لم تتحقق بعد، وفي مقدمتها تخفيض الأسعار، موضحا أنه تم اتخاذ نصف الإجراءات. وكشف أقصبي أن هناك شدا للحبل بين الشركات والمقاطعين، لأن المطلب الرئيس لم يتحقق، ومن ثم فالمقاطعة الشعبية لازالت قائمة، متحدثا عن مآل هذا السلاح الجديد الذي اعتمد طريقة حضارية وسلمية وناجحة، معتبرا أن موازين القوى شيء أساسي لاستمرار هذه الحملة. وتساءل الخبير الاقتصادي الذي حاضر إلى جانب منيب، حول الدلالة السوسيو اقتصادية للحراك الشعبي والمقاطعة، من يتحمل مسؤولية وزارة الشؤون العامة والحكامة؟ وهل قدم لحسن الداودي استقالته بالفعل؟ مؤكدا أن الدولة هي التي تدير هذا الملف، وليست حكومة العثماني. المشكلات لازالت قائمة وطبيعتها دائمة، مادام أن هناك نظاما سياسيا ينبني على زواج غير شرعي بين السلطة والمال، وكذا على التحكم والريع. وشدد أقصبي، على أن حملة المقاطعة هي صرخة المواطنين على تدهور قدرتهم الشرائية، وهي الحملة التي توقع أنها لن تقف عند هذا الحد، مادام أن المواطنين مستمرون في مناهضتهم للوضع الاجتماعي والاقتصادي والاجتماعي، الذي مازال في تدهور مستمر. هذا، وربط الخبير الاقتصادي، بين أخطاء النظام السياسي والأزمة الاقتصادية، مؤكدا أن السوق الحر يتطلب قواعد واضحة، وهي التعددية والمنافسة والشفافية، في الوقت الذي شدد فيه أن المنطق الذي يدير به النظام السياسي شؤون البلاد، قائم على الاحتكار وتكريس اقتصاد الريع.