ترجمة: عزيز عليلو أدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه إلى عش الدبابير وأغرق نفسه في عواقب وخيمة، بعد قراراه طرد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) ، جيمس كومي ، في 9 ماي 2017، بسبب التحقيقات التي كان يجريها حول تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية. واعتبرت الصحافة أن إقالة كومي هي محاولة من ترامب لاستباق تحقيقات ال (FBI) في دور روسيا في الانتخابات. أما روبرت مولر، الذي عينه ترامب مديرا جديدا لل (FBI)، فلم يكن أقل إثارة للمشاكل بالنسبة لترامب، من سلفه كومي. بل كان أكثر تصميما وانخراطا في مواصلة التحقيقات التي وسعها لقضايا أخري من بينها طريقة اقالة ترامب لكومي. وكانت هذه أنباء شديدة السوء للرئيس الذي كان يأمل أن يتراجع الاهتمام بالملف الروسي تدريجيا. كبير المستشارين بالبيت الأبيض، ستيف بانون وباقي الموظفين بإدارة ترامب وجهوا اللوم للدائرة الضيقة حول ترامب، ابنة الرئيس إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر اللذان أصرا على إقالة كومي. وفي ظل هذا الوضع، أدرك بانون أنه يجب إحكام السيطرة علي البيت الأبيض وتشكيل فريق قانوني وطاقم اتصالات جديدين مستقلين للدفاع عن ترامب. أو بعبارة أخرى بناء جدار دفاع حول البيت الأبيض والرئيس، مشابه للجدار الذي كان قد بناه الرئيس الأسبق بيل كلينتون في أعقاب فضيحة مونيكا لوينسكي. بعد عرض الخطة على الرئيس، توجه بانون، الذي كان حالة من الحماس، بسرعة رفقة كبير رئيس الموظفين رينس بريبوس، إلي الجناح الغربي في البيت الأبيض لبدء تنفيذ خطة بانون. ولم يغب عن ملاحظة بريبوس أن بانون كان يبني خطا خلفيا للمدافعين عن الرئيس منهم ديفيد بوسي، وكوري ليواندوسكي، وجيمس ميلر، وجميعهم سيكونون المتحدثين للعالم الخارجي، وسيدينون لبانون بالولاء. والأهم من كل هذا، والذي لم يفت علي بريبوس أيضا، هو أن بانون طلب من الرئيس لعب دور جديد بالكامل عليه ومختلف عن شخصيته وهو الرئيس الهادئ، الثابت، المتريث. لكن علي عكس كلينتون الذي وجد مكتب محاماة كبير للدفاع عنه في فضيحة لوينسكي، وجد بانون صعوبة في إيجاد مكتب محاماة كبير للرئيس. فقد رفضت شركات محاماة رفيعة المستوي، اتصل بها البيت الأبيض، التورط خوفا من أن ترامب سوف يعرض شركاتهم للمهانة إذا ما ازدادت الأمور صعوبة، أو سيتشدد معهم حيال الفاتورة. وفي الحصيلة النهائية رفضت 9 شركات محاماة كبري الدفاع عن ترامب. ولما فشل بانون في توكيل محامين كبار للرئيس، لجأ إلى المحامي مارك كاسويتز، الذي عينه ترامب خلال الحملة للتعامل مع قضايا كان يمكن أن تقضي على الحملة من بينها شكاوي النساء اللواتي اتهمن ترامب بالتحرش. وبدأ بانون تطبيق جدار الحماية حول ترامب في 31 مايو 2017. ومنذ ذلك التاريخ، أضحى كل شيء متعلق بروسيا وتحقيقات مولر والكونجرس والقضايا القانونية الشخصية الأخرى، ملقاة بالكامل على عاتق فريق كاسويتز. أما ترامب، فإنه بموجب الخطة التي وضعها بانون، لن يعالج أيا من هذه القضايا بنفسه. وذلك في اطار مساعي بانون أن يتصرف ترامب كرئيس. ثم تم تعيين مارك كورالو، أحد مسئولي الاعلام الذي عمل مع كارل روف – حين كان روف رئيس موظفي البيت الأبيض في إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن – في منصب المسئول الإعلامي في جدار الحماية حول ترامب. لكن مع بدء تحقيقات روبرت مولر الرئيس الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالية ،تعكر مزاج الرئيس مجددا. وحول ترامب غضبه حيال مولر، الذي لا يستطيع فعل أي شئ حياله، إلى غضب نحو النائب العام الأمريكي جيف سيشنز، وأغرقه بانتقادات يومية، محملا إياه مسئولية توسيع التحقيقات. سيشنز كان حليفاً قويا لبانون في البيت الأبيض، وهجوم ترامب عليه بهذه الطريقة، دفعت بانون إلى نصح ترامب بالعدول عن قرار إقالة سيشنز مخافة خلق مشكلة جديدة للإدارته. عدم قدرة ترامب على استبدال سيشنز وفي نفس الوقت امتعاضه من بقائه لم يغادرا ذهن الرئيس، بل انعكس هذا مجددا على علاقة الرئيس بكبير مستشاريه ستيف بانون، إذ عاد مجددا إلى تهميشه، بعد أن كان بانون يعتقد أنه بخطته الجديدة قد استطاع العودة إلى الواجهة من جديد.