حدثان عرفتهما قضية توفيق بوعشرين، مساء الاثنين، وبعد منتصف ليلة الاثنين-الثلاثاء، يضعان القضاء المغربي -واقفه وجالسه- في ورطة تنضاف إلى ما راكمه من أخطاء لم يعد يتحرج منها وهو يمضي بهذا الملف نحو نهاية رسمت له سلفاً، حتى إن بعض القضاة المستقلين لم يعودوا يخفون استياءهم من طريقة صناعته وإدارته. وقد اعترف لي أحد محاميي الطرف المدني، عرف بشراسته ضد بوعشرين، على هامش الجلسة التي امتدت إلى ما بعد الساعة الرابعة من صباح الثلاثاء، وبحضور الصحافي مصطفى الفن، قائلا: «هذا الملف –للحقيقة- يتعلق بممارسة جنس رضائي، وقد جرت المبالغة فيه»، وعندما صحت في وجهه: «ولماذا لا تقول هذا للمحكمة، أنت الذي لا تتوقف عن اتهام بوعشرين بالاتجار في البشر والاغتصاب؟»، أجابني ضاحكا: «ولماذا لا يعترف بوعشرين بدوره بممارسة الجنس الرضائي؟!». هكذا. الورطة الأولى تخص النيابة العامة، من خلال الاقتحام اللاقانوني الذي قامت به الشرطة القضائية لمنزل حنان باكور، والذي لم يفلح بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني في تبريره، ببساطة لأن الدخول، عنوة، إلى المنازل يعتبر اقتحاما لها، سواء جرى عبر كسر الباب، أو من خلال فتحه عن طريق تقني متخصص. من ناحية أخرى، فإن تنفيذ الأمر بالإحضار يشترط تبليغه للمعني بالأمر، أي تسليمه إليه شخصيا، أولا وقبل كل شيء. ولا وجود لأي إمكانية قانونية لفتح باب المنزل عنوة ودخوله دون وجه حق من أجل تسليم الأمر بالإحضار، ثم تنفيذه فيما بعد. كما أنه لا يسمح بدخول المنازل وتفتيشها إلا في إطار ما نصت عليه المسطرة الجنائية، أي في حال الاشتباه في ارتكاب جرائم، حيث إذا كان هناك تلبس، يتم دخول المنازل بإذن من النيابة العامة، أما إذا كان الأمر يتعلق بالبحث التمهيدي، فلا يؤذن بدخول المنازل إلا بموافقة مكتوبة بخط اليد. لذلك، فالأمر بالإحضار لا يجعل الشخص المعني به في وضع المشتبه في ارتكابه جريمة، وبالتالي، ليست هناك أي إمكانية لدخول منزله. كما أن نقل الصحافية حنان بكور إلى المحكمة، من الرباط إلى الدارالبيضاء في سيارة إسعاف، ثم تأكيد الطبيب أن وضعها الصحي يجعلها في وضع لا يمكِّن المحكمة من الاستماع إليها، يؤكد أن حنان بكور تعرضت لمعاملة قاسية ولاإنسانية، وغير مبررة قانونيا، وهو ما يستوجب مساءلة من أصدر هذا الأمر ومن نفذه. الورطة الثانية، هي سماح القاضي، رئيس الهيئة، لأسماء حلاوي، بتكذيب وجودها في فيديوهات سبق أن جزمت بشكل قاطع، أمام المحكمة نفسها، وقبلها أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بأنها هي من تظهر فيها. ففي سابقة قضائية، سمح القاضي بوشعيب فارح لأسماء حلاوي بأن تخمن من تعتقد أنها تظهر في الفيديوهات مكانها، فانتهزت هذه الأخيرة الفرصة لتقول إن تخمينها يجعلها ترى أحدا يشبه عفاف برناني، في تكرار لكلام محمد الهيني، القاضي المطرود الذي أصبح محاميا بهيئة تطوان، وزميله بالهيئة نفسها لحبيب حاجي، اللذين سبق لهما أن قادا حملة تشهير، لاأخلاقية، بعفاف برناني، لتلطيخ صورتها المشرفة لدى الرأي العام. يجب التذكير بأن عفاف برناني رفضت مجاراة أسماء حلاوي عندما دعتها إلى الانضمام إلى «حريم التجريم». غير أن من خطط لهذا الأمر، لم ينتبه إلى أنه يقوض كل صدقية الفيديوهات المطعون فيها أصلا لافتقارها إلى محاضر تفريغ، إذ بالإضافة إلى توفيق بوعشرين الذي يصر على أن الفيديوهات مختلقة، أضيف الآن تكذيب أسماء حلاوي التي سبق لمحاميها وللنيابة العامة، بالإضافة إلى صحافة المراحيض، أن اعتبروا كلامها دليلا كافيا لاتهام بوعشرين. ثم جاءت شهادة عفاف برناني لتدق المسمار الأخير في نعش الفيديوهات، عندما نفت أي صدقية لما حاولت رميها به أسماء حلاوي، واعتبرت أن ذلك زور جديد يضاف إلى المحضر المنسوب إليها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والذي طعنت فيه.