أكثر من ثلاثة أسابيع استغرقتها المفتشية العامة للإدارة الترابية، مؤخرا، في مهمة رقابية ببلدية ابن جرير، وهي المهمة التي شملت المراقبة والتحقق من التسيير الإداري والتقني والمحاسبي للمصالح التابعة للجماعة المذكورة، وتواصلت على امتداد 25 يوما. واستنادا إلى مصادر متطابقة، فقد سجلت اللجنة بأن البلدية تحصل على طلباتها من بعض الممونين قبل أن تنجز سندات الطلب، ولا تقوم بإعمال مبدأ التنافس في عمليات الاقتناء، إذ تتوصل بالفواتير ولوائح الأثمان المتعارضة من الممون نفسه. كما تم تفويت صفقات خلال الولايتين الجماعتين الحالية والسابقة لمقاولات رغم أنها لم تقدم أقل عرض مالي، بذريعة أنها تتوفر على أحسن عرض فني، كما أبرمت صفقات دون حضور رئيس لجنة المالية أو نائبه. وعلى صعيد تنفيذ المصاريف، استفادت جمعيات من منح رغم حالة تضارب المصالح، ذلك أن رؤساءها ينتمون لمكتب المجلس، كحالة جمعية الرحامنة للموارد البشرية، التي يترأسها النائب الأول للرئيس، والتي تستفيد من أكثر من 400 مليون سنتيم سنويا. كما توفر البلدية لمجموعة من المستشارين الجماعيين هواتف نقالة باشتراكات شهرية، رغم أنهم لا يقومون بأية مهام داخل مكتب المجلس أو لجانه. كما اعتادت البلدية على أن تصرف من الاعتماد المخصص للإطعام والاستقبالات على بعض المآتم والأفراح والمناسبات العائلية الخاصة ببعض أعضاء المجلس، وعلى بعض الأنشطة الخاصة بالجمعيات والأندية الرياضية رغم أنها تستفيد من منح سنوية. وتشتري البلدية الأدوية التي يقوم بعض أعضاء المجلس بتوزيعها على بعض الأشخاص، بدل أن يتم ذلك بشكل قانوني ومؤسساتي ويقدم للمستشفى والمراكز الصحية بالمدينة. وفيما يخص التدبير المحاسبي، سجلت المفتشية عدم ضبط الوعاء الضريبي، وغياب الأرشيف والملفات الخاصة بالملزمين، الذين تتراكم عليهم الديون الجماعية دون أن تقوم البلدية بمبادرات فعالة لاستخلاصها، فضلا عن الاختلالات التي تشوب استخلاص الرسوم المتعلقة بالضريبة على الأراضي غير المبنية. وتناولت المهمة الاختلالات التنظيمية خلال الولايتين الأخيرتين، كغياب العديد من المصالح الجماعية، من قبيل المصلحة المكلفة بتدبير الآليات والعتاد، ناهيك عن انعدام التنسيق الكافي بين المصالح، خاصة بين الشرطة الإدارية ووكالتي المداخيل والمصاريف. ورغم اتساع وتشعب مجالات تدخله، واتساع المسؤوليات المنوطة به، فقد سجلت المفتشية عدم توفر البلدية على طبيب مختص يشرف على المكتب الجماعي لحفظ الصحة. وفيما يخص تدبير الموظفين، سجلت اللجنة بأن البلدية تفتقر لهيكل إداري تنظيمي، إذ يشرف بعض الموظفين على بعض المصالح دون مقررات التعيين. كما وقفت اللجنة على إقدام الرئيس السابق على تنحية مهندسة معمارية من رئاسة قسم التعمير وتعيين تقني في المهمة نفسها. ورغم النقص الحاد في أعداد الأطر العليا، فقد عمد الرئيس السابق إلى التأشير على انتقال مهندسة معمارية إلى القنيطرة والأخرى إلى كَلميم. وتوظف البلدية العديد من الأشخاص على أساس أنهم ينتمون إلى ما يسمى بجمعية الرحامنة للموارد البشرية، في الوقت الذي تضع فيه العشرات من الموظفين الجماعيين رهن إشارات العديد من الإدارات. هذا، وأكدت مصادرنا بأن اللجنة زارت بعض المرافق الجماعية، من قبيل المجزرة البلدية، التي وقفت بها على انعدام الشروط الصحية، وغياب غرفة خاصة بحفظ اللحوم، فضلا عن تغاضي الرئيسين الحالي وسلفه عن عدم قيام مكتري المجزرة بإدخال عداد الماء الصالح للشرب، مستعيضا عنها بمياه غير معالجة يتم جلبها، بواسطة شاحنتين جماعيتين، من بئر قريب من مجار قديمة للصرف الصحي، ويضطر الجزارون لاستعمالها في غسل اللحوم الموجهة للمستهلك المحلي. وتزامنت المهمة الرقابية مع الأبحاث الأمنية التي تجريها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في ترخيص المجلس السابق بإحداث تجزئتين بدون احترام المقتضيات القانونية، وكذا توقيع الرئيس السابق لعدد من المقاولين على إذن برهن الأصول التجارية لمحلات جماعية لدى الأبناك للاستفادة من قروض، وهي المحلات التي حجزتها البنوك وأعلن، في وقت سابق، عن مزاد علني لبيع أصولها التجارية، بعد أن عجز بعض المقاولين عن أداء الديون.